تفويض الجيش..رسالة في البريد الخاطئ
تقرير:صديق رمضان
حينما أرسل رئيس المجلس السيادي والقائد العام لقوات الشعب المسلحة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان؛ من على منصة احتفال عسكري بمنطقة وادي سيدنا العسكرية خواتيم شهر أغسطس؛ رسالة إلى المواطنين وهو يؤكد جاهزية الجيش للتفاعل مع اشارتهم مثلما فعل في ابريل عام 2019، التقط انصار النظام البائد وبعض الناقمين على حكومة حمدوك؛ هذه الرسالة سريعا واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات تحت أسماء و كيانات غير معروفة لتفويض الجيش لاستلام السلطة، وبعد مرور عشرة ايام فان التيار المعارض للثورة عجز عن إقناع الشارع وحشده للخروج في مواكب هادرة لتفويض الجيش لاستلام السلطة وانهاء حقبة الحكومة المدنية.
ورسالة البرهان الغاضبة التي وضعها في بريد المواطن – كما اشار يومها – اعتبرها البعض قريبة الشبه من سيناريو استيلاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على السلطة التي كان يجلس على رأسها الدكتور الراحل محمد مرسي المنتخب شعبيا، بل البعض مضى بعيدا في تأكيد حدوث انقلاب وهم يؤكدون على ان دول عربية منها الامارات والسعودية تنتظر من البرهان إستلام الحكم من المدنيين لتحشد له التأييد الدولي، وتم الربط بين حديثه ونتائج زيارة وزير الخارجية الامريكي إلى السودان التي خرج منها على عكس مايشتهي حينما اكد له رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك ان حكومته لاتحمل تفويضا للبت في قضية التطبيع مع اسرائيل؛ واعتقد البعض ان رئيس المجلس السيادي في طريقه إلى حكم السودان عبر انقلاب عسكري.
غير ان حملات التفويض التي حاول انصار النظام البائد – الذين اكثروا من الغزل في القوات المسلحة _ باءات بالفشل الزريع وجاءات على عكس توقعاتهم ،فقد خرج مايقدر بثلاثمائة مواطن فقط بمدن دنقلا،وعطبرة والدمازين ولم يكترث مواطني الولايات الأخرى بهذه الدعوات،وفي العاصمة فان القوات المسلحة اوصدت امام الذين اعلنوا عن تسيير مليونية الابواب في وجوههم وذلك حينما وضعت سياجا محكما حول القيادة العامة حتى لايصلوا اليها وهو الامر الذي تم تفسيره وقتها ان الجيش غير راغب في استلام السلطة وانه داعم للفترة الانتقالية ،وهذا ما أكده الفريق اول عبدالفتاح البرهان بعاصمة الجنوب جوبا عند توقيع اتفاقية السلام بالاحرف الأولى ،ليخسر انصار النظام البائد جولة أخرى من جولات سعيهم إلى استعادة حكمهم والتي بدأت بالزحف الاخضر في الرابع عشر من شهر ديسمبر خواتيم العام الماضي ويتكشف لهم بحسب مراقبين ان تغيير مسار ثورة ديسمبر يبدو امر عصيا لان جذوتها ماتزال متقدة.