تقرير إخباري : صديق رمضان
رغم تصديها بحوشية مفرطة للحراك الثوري طوال خمسة أشهر ؛ الا ان الشرطة وقبل أيام من سقوط نظام الانقاذ في الحادي عشر من شهر أبريل العام الماضي؛ وجهت منسوبيها بعدم التعرض للثوار وحمل بيناها بين ثناياه تأييدا مبطنا للتغيير الذي كان يطرق أبواب القصر الجمهوري بقوة وقتها، وبعد مرور أكثر من سبعة عشر شهراً من اجبار البشير على التنحي؛ فان اداء الجهاز المنوط به حفظ الأمن الداخلي ومحاربة الجريمة ظل خلال هذه الفترة محل انتقاد دائم من قبل انصار الثورة الذين كثيرا مادمغوا قادتها بالتماهي مع الدولة العميقة والعمل على تنفيذ اجندتها الرامية إلى إفشال الفترة الانتقالية والتمهيد لعودة الإسلاميين إلى المشهد؛ غير أن الفترة الأخيرة شهدت تغييرا كبيرا على هذا الجهاز الذي بدأ في اقناع الشارع بمهنيته وحرصه على حفظ الامن والاسهام في تحقيق الثورة اهدافها.
ورغم زحمة الاحداث التي حفل بها هذا الاسبوع وابرزها توقيع اتفاق الاسلام بالأحرف الأولى بعاصمة دولة جنوب السودان مدينة جوبا؛ الا ان الشرطة نجحت في لفت الانظار اليها وتمكنت من تصدر عناوين الاخبار بعد نجاح مديرها الفريق أول عزالدين الشيخ من بسط هيبة الدولة بولاية كسلا ،فالرجل صاحب الملامح الصارمة الذي جاء خلفا للفريق عادل بشائر أرسى أدبا جديدا غير معهود على مدراء الشرطة وذلك بقيادته العمل الميداني بالولاية الحدودية التي شهدت تفلتات أمنية اودت بحياة اكثر من عشرة مواطنين؛ وكادت الاوضاع ان تخرج عن السيطرة لولا ابتعاث الحكومة لوفد وزاري كان على رأسها وزير الثقافة والاعلام فيصل محمد صالح الذي لفت في حديثه عقب عودته إلى ان المواطن تسبب في فقدان الاجهزة الامنية للثقة بحسبان انها ظلت في مرمي نيران الثوار الذين ظلوا ينظرون إلى تفاعلها مع الثورة بريبة وشك.
لينجح مدير عام شرطة السودان الفريق عزالدين الشيخ بجهوده الكبيرة التي بذلها في كسلا وصرامته الواضحة وتعامله الحازم في استتباب الامن في المدينة السياحية التي دبت الحياة في اوصالها، فالرجل وكما اشرنا آنفا أرسى ادبا جديدا يتمثل في تواجد مدير عام قوات الشرطة في موقع الاحداث بإحدى الولايات لاكثر من أسبوع؛ حيث كان منهج من جلسوا قبله على هذا المنصب الاكتفاء بالتقارير التي تصل من مواقع الاحداث او تسجيل زيارة خاطفة تستغرق ساعات ثم العودة للعاصمة.
وبنجاحه في استتباب الامن في كسلا فان الفريق عزالدين الشيخ تمكن من استعادة الشرطة لجزء كبير من هيبتها المفقودة ويتبدي هذه جليا من خلال حالة الارتياح التي قابل بها المواطنين جهده الذي صب في قناة تجسيره لهوة فقدان الثقة بين الشرطة والشارع الذي ينتظر من الفريق عزالدين الشيخ مثلما نجح في مهمة كسلا بامتياز ان ينهي التفلتات الامنية المتمثلة في جرائم الخطف والتعدي والترويع بالعاصمة وغيرها من ولايات البلاد عطفا علي اظهار المزيد من التأييد للثورة.