لم تكن مجرد زيارة تفقدية تلك التي قام بها السيد رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة لمنطقة الكلاكلات التي تأثرت بالفيضانات الأخيرة بقدرما أنها كانت رسالة في بريد الجهاز التنفيذي للحكومة الذي وسمه بالفشل قبل أيام.. يعلم الفريق أول عبدالفتاح البرهان أنه المسؤول الأول عن هذه الفترة الانتقالية فوق الجهاز التنفيذي وأن فشل الأخير إن لم يدركه بالتدخل فإن المسؤولية التاريخية والأخلاقية تقع عليه وعلى رفاقه من العسكريين في المجلس السيادي ولئن كان حمدوك وحكومته من اختيارات قوى الحرية والتغيير فإن العسكريين قدموا أنفسهم للسلطة كضامنين للشعب السوداني. لا يكفي أن يكشف الفريق أول عبدالفتاح البرهان للناس عن جوانب القصور والفشل في حكومة الدكتور عبدالله حمدوك وإنما المطلوب منه أكثر من ذلك بكثير والمطلوب في الحد الأدنى تلافي ذلك الفشل والقصور بالمعالجات اللازمة أما الحد الأعلى فيعلمه البرهان عندما يبلغ الأمر الحد. لقد جاءت زيارة الكلاكلات كبداية موفقة للفريق أول البرهان وشعر فيها المواطنون بالمسؤول الذي يصلهم عند الحاجة ويقف على مأساتهم ويتخذ قرارات فورية لإدراك ما يمكن إدراكه ولعل الرجل لمس من جانبه حاجة الناس المعنوية أكثر من حاجتهم المادية وذلك خلال الاستقبال والهتاف رغم الظروف المحيطة بهم. إن أمام الفريق أول عبدالفتاح البرهان فرصة واحدة لا ثاني لها وهي أن يكمل طريق القيادة بالتصدي لحاجات الناس ومباشرتها وأي عودة للوراء أو التحجج بأن بعض الملفات أو كلها من شأن الجهاز التنفيذي سيعود على الحكومة كلها وعلى البلاد بالضياع وبالخراب. مطلوب من الفريق أول البرهان أن يخف سريعاً وبذات الخطوة إلى كسلا لإطفاء نار الفتنة التي اشتعلت هناك بسبب خطل الجهاز التنفيذي وقصور فهمه لإدارة الأمور وأن يخاطب مختلف الناس حول أهمية التعايش والعودة للانسجام القديم ورتق النسيج الاجتماعي وأن يتخذ من القرارات ما يؤمن كسلا والشرق عموماً ويمنع أن يؤتى السودان من تلك الثغرة. ومطلوب من البرهان ومن الجيش أن يلتحم أكثر بالمواطنين وأن يراعي حاجتهم للأمان ولضبط الحياة التي توشك أن تتحول إلى قطعة من جحيم، فالجيش هو المؤسسة الوطنية الأكثر قومية وهو الجهة التي اعتاد الناس أن يذهبوا إليها كلما أحسوا حاجة للحماية أو التغيير. إن التاريخ يمنح الفريق أول عبدالفتاح البرهان فرصة كبيرة للعبور فإما اغتنمها الرجل وسجل اسمه على قائمة القادة العظام الذين خلدهم تاريخ السودان أو هو أضاعها ومعها البلاد والعباد إن ما هو تردد أو تلفت أو انتظر. إن مهمة السيد رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة وإن كان غير منصوص عليها هي تصحيح الأوضاع ورتق الثغرات والتصدي للمهمات الصعبة في الأوقات الحرجة وهي أوقات التنفيذ أما الاعتراض – بلغة الجيش -فإن الموعد لاحق !