حسين خوجلي يكتب: بين عمر البشير والسلطان عبد الحميد
جاء فقيه إلى المهدي بن المنصور وقال إن لديه بشارة له وهي أن حكمه سيدوم ثلاثين عاماً. فسأله المهدي الدليل على ذلك فأخبره أنه سيرى ذلك هذه الليلة في نومه. وصح ما توقعه الفقيه إذ رأى المهدي مناماً يشير إلى أن حكمه سيدوم ثلاثين عاماً. وأرسل في اليوم التالي إلى الفقيه فعينه قاضياً.
عندما سئل الفقيه من بعض خلصائه عن سر ما حصل للخليفة في نومه قال: انكم لا تعرفون هذه المخاريق
وشرح لهم انه حين أخبره بهذه البشارة انشغل بها ذهنه وظل يفكر فيها قبل أن ينام فرآها في نومه.
(ومن المعروف أن خلافة المهدي دامت أقل من ثماني سنوات!)
ومن الحكام الذين دام سلطانهم ثلاثين عاماً ودال بتدبير خفي من قادة عسكرهم عمر البشير السوداني والسلطان عبد الحميد التركي. ولشوقي قصيدة بليغة في الانقلاب العثماني وتعزية عبد الحميد تصلح للتأمل والاعتبار وبيت القصيد فيها:
سُدتَ الثَلاثينَ الطِوالَ: وَلَسنَ بِالحُكمِ القَصيرِ
تَنهى وَتَأمُرُ ما بَدا لك: في الكَبيرِ وَفي الصَغيرِ
لا تَستَشيرُ وَفي الحِمى: عَدَدُ الكَواكِبِ مِن مُشيرِ
كَم سَبَّحوا لَكَ في الرَواحِ: وَأَلَّهوكَ لَدى البُكورِ
وَرَأَيتَهُم لَكَ سُجَّداً: كَسُجودِ موسى في الحُضورِ
خَفَضوا الرُؤوسَ وَوَتَّروا: بِالذُلِّ أَقواسَ الظُهورِ
ماذا دَهاكَ مِنَ الأُمورِ : وَكُنتَ داهِيَةَ الأُمورِ؟
(وما اشبه ليلة اسطنبول ببارحة الخرطوم)