في إطار تبرير تعيين والي وﻻية كسلا صالح عمار، الذي اعترضت عليه بعض المكونات القبلية الولاية، قال قيادي في قوى الحرية والتغيير إن اختيارهم جاء لكسر “مفاهيم القبلية” التي سيطرت على الولايات واستبدالها بمفاهيم الثورة من حرية سلام وعدالة..!
من يستمع إليه يظن أنه سياسي يتحدث عن الولايات المتحدة الأمريكية أو ألمانيا أوحتى جنوب إفريقيا، وليس السودان التي اتبعت قياداته مبادئ المحاصصة الجغرافية والحزبية والجهوية..!فشلوا في تطبيق تلك المبادئ في المناصب السيادية والوزارية بل والولائية، لكنهم تذكروها في كسلا..!
سبب اعتراض عدد من المكونات القبلية في كسلا على تعيين صالح عمار أقرب “للعنصري” و”المتعالي”، لكننا نعلم أن محاربة المفاهيم الخاطئة المترسخة لا تتم بالقوة وليس بطريقة انتقائية وعشوائية يمكن أن تسبب أضراراً يصعب تعويضها..!
كلما يمضي الوقت يتضح أن بعض القرارات الحكومية تسترخص الدماء، فلا يهم كم قتيلاً أو جريحاً سيصبح ضحية لها..!
وداخل الغرف المغلقة مع استفحال الوضع، تُحذر بعض قيادات التغيير، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والحكومة الانتقالية، من تقديم أية تنازلات أو الاستجابة لأي ضغوط لتغيير صالح، فذلك سيُفقد هيبة الدولة ويعطي إشارت أن قبيلة البني عامر – التي ينتمي لها عمار- غير جديرةٍ بحكم الولاية، بينما يرى آخرون أنه لابد من حقن الدماء، وتعيين وال لا ينتمي إلى أي قبيلة..
لكن بعد ماذا..؟ بعد فوات الأوان.فقوى التغيير كانت تعلم تمام العلم بما سيحدث في كسلا، بل إن المكون العسكري طلب من حمدوك حينما مدهم بقائمة الولاة، نقل صالح عمار لأي ولاية والاتيان بالوالي الآخر لكسلا تحسباً لاشتبكات قد تحدث..
لم يقتصر الأمر على ذلك، فرئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق، أبلغ هو الآخر حمدوك بأن تعيين عمار سيحدث أزمة قبلية وأمنية والبلاد في غنىً عنها، بل طلب منه تعيين أي ضابط معاش يجد فيه الثقة والكفاءة.
حمدوك نقل الملاحظة لقيادات التغيير، لكنهم أصروا لـ”تثبيت مفاهيم الثورة”.. فحدث ما حدث..!
ها هم الآن يذهبون إلى كسلا لتقديم واجب العزاء ولتخفيف الاحتقان..!إن التعايش السلمي في كسلا تنتاشه السهام دائماً، فينفرط الأمن في الولاية، وينتشر السلاح، فيموت ويصاب المواطنون ويتضرر الأبرياء الآمنيون، ويتأخر القانون ورد الحقوق لأصحابها.
لترسيخ التعايش السلمي، من المهم أن تلتزم الجهات الأمنية والنظامية بحماية المواطنين الآمنين أولاً ونزع الأسلحة من أصحاب الفتنة، والاحتكام للقانون، لكن قبل ذلك قراءة المشهد بصورة صحيحة وتغيير المفاهيم والثقافة السائدة بحوار ووعي وليس عبر انقلاب.