تقرير: صديق رمضان
الرسم البياني لحراك ثورة ديسمبر، يرتفع ثم ينخفض قبل اسقاط نظام الاسلاميين الذي حكم السودان لثلاثة عقود يصفها كثيرون بالسنين العجاف ،شهد شهر فبراير من العام 2019 حدثا ضخما شكل نقطة تحول كبرى في مسار الفعل الثوري تمثل في اغتيال استاذ المرحلة الثانوية أحمد الخير بمدينة خشم القربة بولاية كسلا شرق البلاد، ولأن طريقة موته كانت غارقة في البشاعة وبعيدة عن الانسانية، فان الشارع قابل هذا الامر بغضب عارم ومثلما كان الاستاذ الشهيد ينير الطريق بالعلم لتلاميذه فانه زاد من جذوة الثورة اتقادا حتى تمكنت بعد ستون يوما من استشهاده من ادراك غايتها المتمثلة في اجبار الديكتاتور عمر البشير على التنحي.
تدابير خفية
وذات كسلا الولاية الشرقية التي كان لها أثر في تسريع عجلة الثورة حتي وصولت الى هدفها باسقاط النظام الحاكم، فانها اليوم وبحسب الكثير من المشفقين على ثورة ديسمبر التي تتهددها رياح العسكر واعاصير الدولة العميقة ربما تكون سببا في اجهاض ثورة ديسمبر، فالاحداث التي ظلت تشهدها منذ السادس والعشرين من شهر يوليو المنصرم، يؤكد الكثيرين بانها تبدو غير طبيعية وتنطوي عليها اسرار غير واضحة للعيان، والامر عند الشاب هاشم محمد الذي يقطن باحد احياء مدينة كسلا “أكبر من أن يكون صراعا بين قبيلتي الهدندوة والبني عامر”، وتتملك هشام قناعة راسخة وهو من الشاب الذين شاركوا في الحراك الثوري الذي اسقط الاسلاميين “ان ثمة شئ خاف يتم تدبيره ضد الثورة عبر رافعة هذا الصراع”، ويلفت في حديث لـ(النورس نيوز) الى ان رفض وتأييد والي كسلا صالح عمار انحرف من مساره كليا وبدأ عليه وكأنه عمل مقصود متعمد لتأجيج الاوضاع بالشرق وصولا إلى لحظة الانفجار الذي يمنح المكون العسكري المسوغ الذي يبحث عنه للانقضاض على الثورة لاجهاضها.
الشعور بالخوف من العار
وذات القناعة ينطلق منها سعيد وهو شاب عشريني مايزال طالبا في جامعة حكومية حيث “يؤكد ان الاسلاميين يقفون وراء دعم التيارات المتصارعة باذكاء نيران الفتنة وحث كل تيار على التمسك باطروحاته وعدم التنازل عنها مهما كانت الدواعي حتى تصل الاوضاع إلى انسداد كامل ومن ثم يحدث تفلت أمني”، ويعزز حديثه هذا بالإشارة إلى الدور السلبي للقوات النظامية بالولاية خلال الفترة الماضية، وقال إنها ظلت تمارس دور المتفرج فقط وتكتفي بالحضور عقب نهاية “الحفلة”، ويضيف”أشعر بالخوف من ان يأتي يوم تكون فيه ولاية كسلا سببا في اجهاض ثورة ديسمبر”، معتبرا حدوث هذا بمثابة العار عليهم بوصفهم ثوار وكسلاويين.
ضالة الفلول
بالمقابل يوجد من تسيطر عليه نظرية المؤامرة غير انه يرمي باللائمة على الحكومة المركزية ويدمغها بتعمد اشعال النيران في كسلا بعدم قدرتها على حسم موقفها من قضية الوالي صالح عمار، ومنهم المواطن عثمان الذي قال “كان عليها ان تتخذ قرار شجاع بالابقاء عليه او اعفاؤه”، وفي كل الاحوال فانه عثمان يعتقد بان الثورة في خطر حقيقي وان احداث كسلا تبدو غير طبيعية وتمثل مصدر خطورة عالية المستوى على التغيير الذي شهدته البلاد وختم حدثه قائلا:” وجد فلول النظام البائد ضالتهم في الصراع الذي تشهده كسلا وهو فرصة مثالية لهم ليس للاجهاض على الثورة بل تدمير البلاد، وللأسف فان المعركة التي تدور حاليا تخدم مصالحهم، ووالله اخشى من ان يحاسبنا التاريخ بان ولاية كسلا كانت سببا في اجهاض اعظم ثورات الشعب السوداني”.
ايادي العسكر
بصفة عامة فان الكثيرون تساورهم شكوك بان احد تيارات الصراع يحظى بدعم كبير من المكون العسكري بل ان البعض ظل يجهر بتأييد عضو السيادي شمس الدين كباشي لاحد اطراف الصراع، وفي خضم اجواء مشحونة بالكراهية فان الوفد المركزي الذي يفترض ان يصل كسلا اليوم ستتكشف له حقيقة ان تعامل حكومة حمدوك البارد مع احداث الولاية السياحية من شأنه ان يذهب برياح ثورة ديسمبر لأن باطنه يؤكد بانه اكبر من كونه صراع بين الهدندوة والبني عامر .