الخرطوم : آدم محمد أحمد
الذين هم خارج السجن؛ تحت الإقامة الجبرية أو المطلق سراحهم بالضمأنة؛ كانوا أول الحاضرين إلى القاعة؛ أبرزهم اللواء إبراهيم نايل ايدام؛ 3 منهم قد دخلوا إلى القاعة في وقت مبكر؛ سلموا على بعضهم البعض بحرارة وسالوا عن أحوال الأسرة؛ كانوا حريصين على متابعة أخبار الواتساب؛ بالطبع هؤلاء بحوزتهم تلفونات لأنهم مثلما اسلفنا كانوا خارج المعتقل؛ لم تمضي دقائق حتى دخل عليهم عسكري طلب منهم تسليم “العصى” التي كانت بحوزتهم؛ لكنهم سألوا أين نجدها بعد انتهاء الجلسة؟، فقال كلها ستكون معي؛ وأضاف “ابشروا” الشاب الذي يرتدي زيا مدنيا كان حريص على مناداتهم “ياسعادتك” وربما هي آداب العسكرية وتعاليمها التي تقتضي ذلك.
القاعة والكمامات
كانت القاعة أكثر تنظيما وترتيبا من الجلسة الأولى السابقة؛ لكنها مزدحمة؛ ولم تطبق عليها التوجيهات الخاصة بالإجراءات الصحية من فيروس كورونا؛ قليل من الذين حضروا كانوا يرتدون “الماسكات”؛ هذا بالنسبة للحضور من المحامين والإعلام وأسر المتهمين؛ بينما كل المتهمين كانوا يرتدون”الكمامات”؛ هنا كان تعليق احد المحامين أن معظم الذين داخل القاعة لا يرتدون الكمامة؛ فقال له القاضي” الحماهم منو ما يلبسوا هل في زول جاء داخل بكمامة قلعناها منه”.
اعلام السلطة القضائية؛ كان حرص على تنظيم الصحفيين حسبما تتسع المساحة لهم في الداخل؛ باكرا اخذ الإعلام موقعه داخل القاعة؛ شديدة البرودة؛ وكانت هناك مساحة مخصصة لأسر المتهمين؛ عندما دخل بقية المتهمين الذين كانوا في السجن؛ ضجت القاعة بالتكبير والتهليل؛ كان في مقدمتهم الرئيس السابق عمر البشير؛ الذى كان أكثر حرصا على أن يحي الحضور من خلف القفص الحديدي؛ وبدأ نافع علي نافع؛ و عبدالرحيم محمد حسين؛ والطيب سيخة؛ أكثر حماس لأنهم توقفوا طويلا خلف السياج الحديدي لتحية أبناءهم وأسرهم الذين بادلوهم التحية؛ كان عبدالرحيم يتحدث إلى جاره ويشير إليه نحو الجالسين في القاعة و يقول له “ديك بنتي”…في دعابة مضحكة أثارت انتباه الجميع قبل حضور القاضي؛ كان الطيب إبراهيم محمد خير المعروف بالطيب”سيخة” ؛ ينادي على احد اقربائه في القاعة بصوت عالي”ياصديق ياصديق” وصديق هذا يبادله الحديث؛ ثم ما أن يلبث “سيخة” حتى يعود إلى مناداة صديق هذا؛ ويضحك الجميع.
الزي الوطني والميكروفون
ارتدى المتهمين زيًا وطنيًا “جلابية وعمامة” سوى 3 منهم بلبسة سفاري؛ وآخر بزي عادي “بنطال وقيمص”؛ الا ان البشير حضر بالزي الخاص الذي خصص له في الجلسة السابقة؛ وما ان استقر المتهمين في مقاعدهم المخصصة داخل القفص ، حتى دخل عسكري السجون وهو يحمل في يده كشف السجن؛ وينادي على المتهمين؛ بالإسم؛ في اطار تفقدهم ربما حتى لا يكون من بينهم غائب…بدأ واضح ان القاضي مولانا عصام عصام الدين محمد إبراهيم، يدير الجلسة بشئ من الحدة والدعابة الجامدة كذلك، فالرجل يقاطع المحامين بعنف احيانًا، أول عبارة قالها قبل ان يجلس على مقعده “ناس الميكرفونات دي يجوا يشيلوها من قدامي”؛ وكانت المنصة التي تجلس عليها هيئة القضاة مكتظة “باللوقوهات”الخاصة بالقنوات الفضائية، التي تدافعت إلى جلسة محاكمة تعتبر الاهم في تاريخ السودان.
مداعبات بكري والطيب سيخة
بعد نهاية الجلسة التي لم تستقرك سوى أقل من ساعة، تدافع ابناء وأسر المتهمين الى السياج الحديدي للحديث معهم، شرطة المحكمة لا تسمح بتصوير المتهمين مباشرة، الا ان ابناءهم رغم تحذيرات الشرطة حاولوا التقاط صور لهم، الكثير من الحديث الجانبي دار بين المتهمين وأسرهم في اللحظة بين خروجهم من القاعة، قال الفريق اول بكري حسن صالح وهو يداعب ابنة عبدالرحيم محمد حسين التي جاءت تتحدث مع والدها ، قال لها بكري ” ابوك شديد بس انتي كتري ليه من الحاجة الحلوة وضحك عاليا”، الحالة النفسية للمتهمين عالية، صحتهم الجسدية ممتازة، لا يبدو عليهم أثر السجن، في تفاصيل الجلسة واضح ان هيئة الدفاع اكثر حديث ومداخلة في الجلسة من هيئة الاتهام، تبادل الاستاذان كمال عمر المحامي عن المتهمين من المؤتمر الشعبي وعبدالباسط سبدرات المحامي عن المتهمين من المؤتمر الوطني، فرص الحديث، فسبدرات رجل محامي يعرف جيدا دهاليز المحاكم سوى السياسية منها او المهنية، وبينهما المحاميان ابوبكر عبدالرزاق عن “الشعبي” ومحمد حسن الامين عن “الوطني”، في الخارج لم يكن عدد الناس كثيرا مثلما كان في الجلسة الاولى، فهناك غياب واضح لبعض أسر المتهمين ، كما تلاحظ انخفاض حدة التوتر والشد الجذب التي كانت سائدة في الجلسة الماضية.
سبدرات والدفاع
كان اول المتحدثين من المحامين كمال عمر عبدالسلام، ممثل الدفاع عن قيادات المؤتمر الشعبي، قال الرجل إن المحكمة تنعقد في ظروف سياسية معقدة في تاريخنا السياسي؛ وان الجهاز القضائي ركيزة مهمة في الدولة الديمقراطية التي تحترم الحقوق ومنها الحق في المحاكمة العادلة التي جاءت بها وثيقة الحقوق والوثيقة الدستورية؛ التي فرضت واقع قضائي؛ وان المحكمة الدستورية معطلة بالفعل السياسي، وأضاف”لدينا ثقة شديدة بالمحكمة.؛ لكن تفاجأنا قبل يومين باللجنة المسمى بازالة التمكين، تتخذ قرارات تفصل بموجبها 151 قاضيا من خيرة القضاء”، هنا قاطعة القاضي قائلا :”قدم الطلب. مباشر يا استاذ كمال”.. فقال كمال علاقة هذا بأننا لا نضمن محاكمة عادلة؛ ولذلك نحن نعلن التضامن ونطالب بان نقف دقيقة؛ تضامنا مع المفصولين ..فوقف البعض…الا ان القاضي قال غاضبا “اجلسوا جميعكم؛ وأضاف”انا لن اسمح بهذا وإذا كرر اي واحد منكم هذا دون أن تأمر المحكمة بذلك سنتخذ ضده إجراءات”، وكان التعقيب لممثل هيئة الاتهام المحامي بقادي الذي قال إن حديث هيئة الدفاع كله سياسي ، وان القضاء لم يسيس الا في عهد الإنقاذ؛ فقاطعة احد المحامين من هيئة الدفاع؛ الا القاضي قال بحدة “لو سمحت مافي زول يرد غيري انا دي فوضى دي”.، فيما اعترض عبدالباسط سبدارت من هيئة الدفاع ، على حديث بقيادي بان دفوعاتهم سياسية، وقال “لا تنفصل المحاكمة عن المناخ السياسي؛ والدليل ان ممثل هيئة الاتهام هو محامي وخصم سياسي لموكلينا؛ هذه المحاكمة ينبغي أن تتم وفقا للمعايير القضائية…وتركزت طلبات هيئة الدفاع على ان القاعة غير مهيأة لعقد محاكمة في ظل ظروف صحية معقدة..وبعد مداولات قرر تاجيل المحكمة إلى يوم الثلاثاء المقبل الموافق الاول من سبتمبر.