بومبيو في الخرطوم..التطبيع يهدد بنسف شراكة المدنيين والعسكر
تقرير:صديق رمضان
يحط وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو رحاله بالعاصمة السودانية الخرطوم اليوم؛ وسط اجواء خريفية ارتفعت فيها درجة حرارة المشهد السياسي وتلبدت السماء بالغيوم التي تنذر بهطول أمطار ربما تأتي غزيرة مصحوبة بسيول تجرف امامها الكثير من الثوابت وقد تحدث متغيرات على مسار الاحداث. فالضيف الامريكي رفيع المستوى وكما هو معلن فان اجندته تنحصر في بحث عوامل استمرار الفترة الانتقالية حتى نهايتها عطفا على فتح ملف تطبيع السودان مع اسرائيل ،ومن الغريب ان تأتي زيارته متزامنة مع حدوث تباعد مفاجئ في التحالف الحاكم بين المدنيين والعسكر وسط تبادل للاتهامات بينهما بشأن الأزمة الاقتصادية العاصفة التي القت بظلالها السالبة على المواطن السوداني،وهو مايعني ان مهمة الزائر الامريكي الذي ينظر إلى شهر نوفمبر القادم الذي يتحدد فيه مصير الرئيس دونالد ترمب امام منافسه جون بايدن؛ ستكون ظاهريا شائكة في اقناع طرفي الحكومة الانتقالية بالتوافق من اجل المضي قدما في الشراكة حتى العام 2022 نهاية أجل الوثيقة الدستورية.
وفي ذات الوقت دفعهما للموافقة على التطبيع مع اسرائيل مصحوبا بحافز رفع اسم السودان من اسم الدول الراعية للارهاب خاصة في ظل رفض المكون المدني التطبيع، ونجاح مايك بومبيو في هذه المهمة الشاقة قد يسهم في رفع اسهم رئيسه ترمب الذي يبدو في امس الحوجة لاصوات الكتلة اليهودية في امريكيا التي بالتأكيد ستشعر بالارتياح لنجاح حكومته في قيادة الامارات والسودان للتطبيع مع اسرائيل.
وعمليا فان هذه الزيارة بعثرت أوراق القوى السياسية خاصة “الحاضنة” التي تريد بعض مكوناتها رفع اسم السودان من قائمة الارهاب وفي ذات الوقت ترفض دفع فاتورة هذا الحافز بقبول التطبيع مع اسرائيل، تشير الحقيقة إلى ان اربعة من مكونات الحرية والتغيير اعلنت منذ الخامس من فبراير الماضي رفضها التطبيع مع اسرائيل عقب لقاء عنتبي الذي جمع البرهان ونتنياهو ،ومؤخرا وحينما أكد الناطق الرسمي للخارجية حيدر البدوي تأييده للتطبيع جددت ذات الاحزاب رفضها القاطع التقارب مع اسرائيل ،فسكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي صديق يوسف حدد موقفهم قائلا “نقف مع حق الشعب الفلسطيني ونرض التطبيع مع اسرائيل”،اما حزب البعث فقد خرج ناطقه الرسمي محمد وداعة،ومضي بعيدا في رفضه التطبيع مع اسرائيل وهو يؤكد على مشاركتهم الامة العربية والاسلامية الصدمة والغضب جراء الاعلان الامريكي بعودة العلاقات الاماراتية الاسرائيلية مقابل وعد اسرائيلي بايقاف ضم الضفة الغربية ،معلنا رفضه للمسار الذي تبنته قيادات سودانية سعيا وراء علاقات مع اسرائيل؛ ونوه إلى ان موقف السودان من القضية الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
وعلى ذات الطريق مضى حزب الامة القومي الذي اكد ايضا رفضه اتجاه الحكومة التطبيع مع اسرائيل ،مذكرا بان اي خطوة رسمية تتخذها الدولة في هذا الصدد يجب ان تأتي من حكومة منتخبة بشكل ديمقراطي؛ واصفا التوجهات التطبيعية بانها غير مقبولة،وايضا فان الاتحادي المعارض احد مكونات تحالف الحرية والتغيير استنكر محاولات التطبيع مع اسرائيل ،وبهذه فان موقف هذه الاحزاب يأتي متسقا مع رؤية التيار الاسلامي في السودان الذي ظل يعلن رفضه ايضا التطبيع رغم انه لم يعد فاعلا في المشهد السياسي.
بالمقابل يوجد من يؤيد التطبيع وسط القوى السياسية وابرزها الاتحادي الديمقراطي _رغم انه ليس من مكونات قحت _ والذي اعلن على لسان نائب رئيسه محمد الحسن عثمان الميرغني ان حزبه لايمانع من التطبيع مع اسرائيل اذا كان من اجل مصلحة السودان ،مشيرا إلى ان حزبه ليس ايدلوجي جهادي حتى يرفض التطبيع مع اسرائيل، ويشاطره في هذا الرأي كما هو معروف العسكر الذين لم يعترضوا على خطوة البرهان حينما التقى نتنياعو، إضافة إلى ذلك فان الحركات المسلحة لم تبدي اعتراض على التطبيع وكذلك المؤتمر السوداني،كما يؤيد التطبيع عدد من قادة الاحزاب منهم مبارك الفاضل والقيادي الاسلامي ابوالقاسم برطم .
ورغم ان وزير الخارجية المكلف عمر قمرالدين عدم مناقشة ملف التطبيع فان الزائر الامريكي سيضعه منضدة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك اليوم والذي وقياسا علي رفض مكونات قحت للتطبيع فانه سيكون في موقف محرج ورفضه يعني ترجيح كفة العسكر بقيادة البرهان لتحديدهم موقفهم المبكر وتأييدهم للتطبيع وهذا يعني ان تهديدهم بالانقلاب ربما يتحول الي واقع اذا حصلوا على ضمانات دولية بتقويض الحكم المدني.