من قبيل المصادفة أن عدداً من الأصدقاء أرسلوا لي يوم أمس (مينشيت) صحيفتكم (آخر لحظة) يحمل قول (حمدوك: نجيب 2 مليار دولار للوقود من وين؟) .. بينما أرسل لي اثنان تصريح سابق لعضو السيادي صديق تاور وهو يتحدث عن استرداد (100) مليار دولار .. وآخرين في (قروب واتساب) تداولوا (مينشيت) قديم لوزير المالية المستقيل والمغبون إبراهيم البدوي .. قال لهذه الصحيفة : (الأزمة الاقتصادية مقدور عليها).
دائماً ما أقول إن القاريء ذكي ولماح .. ربما الرسالة وصلت، وهي أن الحكومة (كسيحة) وجعلت الساحة (كئيبة)، لم تستفد من الزخم والصيت الذي حظيت به قبل عام .. أضحت عبارات رئيس الوزراء فاقدة الصلاحية والمذاق .. على شاكلة سنعبر وسننتصر .. الوضع الآن (سنُهزم وسنُقبر).
حالة عامة من (التمرد) تجاوزت مرحلة (التململ) .. تمرد السوق على المواطن، وتمرد الدولار على الجنيه المغلوب على أمره .. وتمردت الحركات على السلام، وأصبح لها رأي حتى في رئاسة الوفد الحكومي المفاوض .. أما الأخطر فهو تمرد الشباب على الحكومة نفسها .. إذ أصبحوا يتحدثون معها بلغة (المتاريس) يالها من حكومة حظها (تعيس).
الأوضاع الاقتصادية جردت الحكومة من ملابسها قطعة قطعة .. ربما لم يتبق إلا قطعة واحدة وهي في الأصل مهترئة .. عجزت الحكومة تماماً عن تقديم حلول اقتصادية ولو مؤقتة .. سخر الكثيرون من القيادي بالوطني المعتقل دون اتهام الفاتح عز الدين عندما تحدث عن حل مشكلة السيولة (رب رب رب)
الآن سلكت الحكومة طريق (رب رب رب) وطبعت الترليونات دون ان تصل إلى محطة الاستقرار النسبي .. المخيف أن إحساس الشعور بالحكومة بدأ يتلاشى شيئاً فشيئاً .. تخبط في الإعفاءات أكثر من التعيينات .. وولاية الخرطوم أضحت مختبر تجارب لمناصب المدراء العامين.
سبعة وزراء (مكلفين)، غير (أصيلين) .. ومن غادر لسان حاله (ياما تحت السواهي دواهي) .. ماعاد الشارع يحفل بالإنجازات الصورية للجنة إزالة التمكين .. التي اصطدمت بصخرة السلطة القضائية في كيفية إخراج السيناريو برؤية قانونية حقيقية غير معيبة.
تيارات أحزاب ومكونات الحرية والتغيير تتبارى كل يوم في نعي الحكومة .. أمس حزب الأمة القومي قال إن البلاد تعيش حالة شلل تام وفي مفترق طرق .. لم يعد هناك متسع من الوقت لتتدارك الحكومة الأخطاء الفادحة التي ظلت ترتكبها طيلة الفترة الماضية .. والتستر خلف شعار الدولة العميقة.
الحالة الوردية التي ترسمها قيادة الحكومة ، لم تعد (محفزة) بل هي (مخيبة) للآمال والتطلعات .. تمتد المتاريس في الأحياء والطرقات يوماً بعد يوم .. كادت الجموع الغاضبة أن تقتحم مجلس الوزراء، اضطرت معها الشرطة لاطلاق الغاز المسيل للدموع .. لو تأخرت قليلاً لأتهمت بالتواطؤ.
وزراء وقيادات يشيرون إلى رجال حول حمدوك .. بأنهم وراء موجة الاخفاقات العاتية .. بعد قليل سيشير الشارع إلي حمدوك وعليه أن يتصرف بدلاً من طرق التساؤل العاجز (نجيب من وين؟) ؟؟.
على حمدوك الانتباه .. نعم الشارع (كسول) لكنه (ملول).