همس الحروف _ (يا سعادة حمدوك .. خير الكلام ما قل ودل) _ الباقر عبد القيوم علي
في تاريخ ليس بالبعيد عاش أباؤنا حياة لم تخلوا من الشدة و بعض الصعوبات ولكنهم إستطاعوا ان يتغلبوا عليها .. و لقد تصالحوا فيها مع كثير من نوائب الدهر التي كانت قل أن تهزمهم ، وتعرّضوا فيها إلى أمور عدة و مواقف كثيرة أجبرتهم على التصرف بأقصى درجات الحكمة ، فحفظ لنا التاريخ في طياته الكثير من هذه الحكم كي نتعلّم و نستفيد منها في مسيرة حياتنا
في تلك القصص كتب أحد العمد و كان حكيماَ وهو في حاجة ماسة إلى كمية من الذرة من مخزون الحكومة فقال في طلبه للمسؤول بعد التحية والإحترام فلقد بلغ منا الجوع مبلغة ونريد ان تمدنا بكذا جوال من الذرة فإن إعطيتنا فأعلم ان العاطي هو الله والشكر لك وإن منعتنا فالمانع هو الله واللوم عليك .. والسلام
بعبارات بسيطة وكلام مختصر و بحكمة بالغة تؤكد ان خير الكلام ما قل ودل .. و التي تقدم بها العمدة في طلبه البسيط والواضح والمحدد للمسؤول الذي لم يستطع الإعتذار وما كان منه إلا و ان وافق علي ما طُلب منه
لقد تناقلت الوسائط والاسافير خبر خطاب مكاشفة من سعادة دولة رئيس الورزاء د عبد الله حمدوك يخاطب فيه الشعب السوداني عبر الإذاعة السودانية غداً الجمعة وسيتطرق فيه إلى قضايا الساحة المختلفة وتوضيح ملابسات الأحداث الأخيرة التي حدثت أمام مجلس الوزراء والتي تسببت في حالة من الغضب الشعبي إزاء العنف النوعي الذي تم استخدامه من قبل الشرطة لتفريغ المتظاهرين الذين حاولوا التعدي على دخول مباني المجلس في موكب “جرد الحساب” التي دعت لها لجان المقاومة
فإن كان هذا الامر صحيحاً وان اللقاء قائماً فأرجو من سعادة دولة رئيس الورزاء الا يجتر لنا قصص الدولة العميقة التي سئمنا سماعها منه والتي أصبحت عبارة عن إسطوانة مشروخة يكررها في كل ما تتيح له الفرص للحديث مع الشعب .. وكما ارجو منه ألا يستخدم تلك الكلمة الباهته التي اصبح الشعب لا يتحمل سماعها ابداً (سنعبر) التي اصبحث تجلب الغثيان للكثيرين وكذلك تدخلنا في موجة من الهزيان الذي قد يصاحبه شلل إهتزازي عندما يقوم بنطقها
فأريد ان أقول لك : إن خير الكلام ما قل ودل يا سعادة دولة رئيس الوزراء .. فإن حالنا والله يغني عن سؤالنا ولقد بلغنا من العنت والتعب والفقر ما قد بلغنا .. فنريد منك سقفاً زمنياً محدداً لتخرجنا به من هذا الجحر المظلم الذي ادخلتنا فيه فإن إستطعت على ذلك فإن المخرج هو الله والشكر لك وإن لم تستطع فسوف نصارع من أجل الخروج و سوف نعبر كما تقول انت ولكن اللوم عليك … والسلام