(1)
البيان الذي أصدره وزير الطاقة المستقيل د. عادل علي إبراهيم، والذي طالب فيه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بإبعاد كبير مستشاريه ـ يقصد الشيخ خضرـ …
بيان الوزير عادل أورد الكثير من الحيثيات التي تبرر إقالة كبير مستشاري حمدوك، ولعل أبرزها أن الرجل بات يتدخل في كل عمل تنفيذي ويتمدد على نحو جعله أكبر مركز قوة ونفوذ في الوقت الراهن،أو دولة داخل دولة كما كان “الترابي” قبل المفاصلة… من خلال بيان وزير الطاقة المستقيل أن كبير مستشاري حمدوك والذي لم يحمل أية صفة رسمية تنفيذية، أنه يتدخل حتى في توزيع البنزين والجازولين و (ربما الغاز)، والتحكم في حركة تنقلات المسؤولين وكبار الموظفين في الدولة والسلع الإستراتيجية..
(2)
من خلال البيان بدا لي أن كبير مستشاري حمدوك هذا أضحى هو الآن واحداً من أبرز معيقات الانتقال إلى دولة المؤسسات والشفافية والقانون والحكم الرشيد، وأن رجلاً بهذا الوصف لا يقل خطراً عن الثورة المضادة والدولة العميقة التي تمضي في نفس الاتجاه وتحقق ذات الأهداف، بل أنه ربما يكون أكثر خطراً من الثورة المضادة والدولة العميقة، وذلك لقربه من حمدوك وكونه كبير مستشاري الحكومة.. أما كون أن كبير المستشارين هذا يحشر أنفه في كل عمل تنفيذي ويلغي أدوار ومهام الوزراء، ويضع كل السلطات والصلاحيات في يده وبدون صفة تنفيذية، فإن ذلك يعني ببساطة أن الشعب السوداني وبعد كل هذه التضحيات الجسيمة والدماء الغالية التي سالت والمجازر التي اُرتكبت والمعاناة التي تعاظمت خلال ثلاثة عقود من الزمان، بعد كل ذلك وجد الشعب السوداني نفسه لم يفعل شيئاً سوى أنه استبدل البشير بكبير مستشاري حمدوك، واستعاض عن الرجل الواحد بالرجل الواحد، وهذا بالطبع يمثل أكبر صفعة للثورة والشهداء وكل التضحيات الأخرى…
(3)
الشباب السوداني الذي قهر الظلم وتحدى الرصاص واجتاز كل آلامه واحزانه وكل الصعاب، يريد دولة القانون والمؤسسات والحكم الرشيد والشفافية، لا يريد دولة الرجل الواحد و (الدغمسة وأم غُمتي)، ولن يسمح الشعب السوداني الثائر بأن يتحكم في مصيره وقراراته رجل واحد، ولسنا مستعدين لإنتاج فرعون جديد، ولن نساعد على صناعة طاغية آخر يتحكم في إدارة البلاد خلف الكواليس… فواضح جداً أن كبير مستشاري حمدوك يتعامل مع رئيس الوزراء كما كان يفعل الترابي مع البشير، وقد يكون ذلك مفهوماً على أيام (الإنقاذ) في ظل نظام شمولي ديكتاتوري صنعه الترابي ودبر انقلابه وخطط له، ولكن ما هو فضل هذا (المستشار) على الثورة وماهو كسبه فيها حتى يضعها تحت إبطيه ويتحكم فيها على هذا النحو، وبِمَ ضحى؟
(4)
ثم يبقى القول أن بيان وزير الطاقة المستقيل ليس وحده من كشف هذا الحال المائل والصورة المقلوبة ونبه إلى المخاطر والانحراف عن أهداف الثورة، فقد تحدث الكثيرون عن شلة المزرعة ومستشاري حمدوك الذين اختطفوا ثورة الشعب السوداني وجيروها إلى حيث يريدون، وذلك بسبب تساهل حمدوك وضعف حكومته التي أتاحت لهم فرصة ثمينة كي يتمددوا ويرسلوا أرجلهم كما فعل أبو حنيفة، ولهذا ولكل ما سبق، أضم صوتي إلى صوت الوزير د. عادل علي إبراهيم بضرورة إقالة هذا المستشار الذي ارتدى عباءة الترابي في سنوات الإنقاذ الأولى ليملي ما يريد.. اللهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة :
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين