شهادتي لله _ فضيحة السفير الثائر _ الهندي عزالدين
ما كنتُ أتخيّل أن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير “حيدر بدوي” قد أدلى بتصريحاته العجيبة الغريبة لقناة “سكاي نيوز” الظبيانية أمس الأول ، حول سعي السودان لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل ، إستناداً إلى (استنتاجاته) من لقاء (البرهان – نتنياهو) -كما قال في تصريحات أسوأ من الأولى حاول بها تبرير جلطته و غلطته الكبيرة التي لا يمكن أن يقع فيها موظف استقبال الوزارة ، دعك عن دبلوماسي وصل بسُلم الثورة ، لا بمعايير الخبرة و الكفاءة ، درجة (سفير) .. و ما هو بسفير !!
للوهلة الأولى و أنا أطالع تلك التصريحات المُبشِّرة و المُرحبة بخطوات أكثر جدية و عملية في مشوار التطبيع مع إسرائيل ، ظننتُ أن المتحدث باسم الخارجية قال ما قال بعد تشاور عميق مع وزير الخارجية المكلف الذي بدوره راجع المراجع العليا في الدولة من رئيس مجلس السيادة إلى رئيس مجلس الوزراء ، فصدرت الإشارة إلى السفير (الثائر) “حيدر بدوي” ليصوغ مفردات الغزل الدبلوماسي في دولة الكيان الصهيوني الغاصبة و المغتصبة .لكن سفير الكفاءة قال إن شيئاً من ذلك لم يحدث ، و أنه استنتج استنتاجاً أن حكومته تنتظر بفارغ الصبر توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل ، تبعاً لاتفاق دولة الإمارات العربية المتحدة المرتقب مع “تل أبيب” برعاية الرئيس “ترمب” المرشح للسقوط الداوي في انتخابات أمريكا المقبلة !!
فوجىء وزير الخارجية المكلف و فوجىء قبله رئيس الوزراء و رئيس و أعضاء مجلس السيادة باستنتاجات السفير (الثائر) ، فلم يكن في الإمكان غير نسف تلك التصريحات البليدة التي إن دلت على شيء فإنما تدل على الهرجلة و انعدام المؤسسية في مؤسسات الحكومة الانتقالية بما فيها وزارة الخارجية .
ولكن دعونا نسأل (سفير الثورة) الذي قفز بالزانة من أدنى درجات الهيكل الوظيفي في الخارجية السودانية قبل ثلاثين عاماً (سكرتير ثان) إلى درجة (سفير) : ما هي الفائدة التي عادت على حكومة السودان من لقاء الرئيس “برهان” برئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” في “عنتيبي” اليوغندية فبراير الماضي ، حتى تستنتج من جرائها ضرورة المُضي قدماً في توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل ؟!
لم يجن السودان أي ثمرة من ذلك اللقاء ، رغم أن الفريق أول “برهان” قد بشّرنا فور عودته من يوغندا في مقابلة مع عدد من رؤساء تحرير الصحف ، بمكاسب فورية و عاجلة تعود بالخير العميم على شعب السودان ، و أهمها رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب .
وقال لنا “البرهان” يومها أنه لم يوافق على لقاء “نتنياهو” حتى بعد وصوله “عنتيبي” إلاّ بعد تلقيه ضمانات من وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية “بومبيو” بإزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب وتطبيع علاقاته مع المجتمع الدولي خلال فترة وجيزة !!
و منذ فبراير و حتى يوم الناس هذا ، مرت نحو (7) شهور عصيبة على شعبنا الفضل ، و لم ترفع أمريكا عقوبةً واحدة ، بل إنها حصلت على عشرات الملايين من دولارات حكومتنا البائسة المفلسة ، كتعويضات لأسر ضحايا تفجير المدمرة “كول” الذي حدث في اليمن ، و ليس السودان عام 2000م !!
ذات سياسة الاستغفال و الاستهبال التي مارستها أمريكا مع النظام السابق عبر حلقات مسلسل الخداع و التسويف و توليد الشروط لرفع العقوبات ، تمارسها اليوم مع “البرهان” و”حمدوك” !!
“البرهان” و “حمدوك” لم يتعلما من تجارب “قوش” و “محمد عطا” و قبلهما فريق “نيفاشا” مع أمريكا الكذوب المخادعة .
كسب “نتنياهو” سياسياً من لقائه مع “البرهان” ، وعبرت الطائرات الإسرائيلية أجواء السودان في رحلاتها المستمرة إلى البرازيل ، و لم يكسب “البرهان” شيئاً و خسر السودان كثيراً ، فعلى أي أساس توقع حكومة الفترة الانتقالية اتفاقاً مع إسرائيل يا سعادة السفير الثائر ؟! مجرد محاكاة لدولة الإمارات التي تعرف ماذا تريد و حكومتنا لا تعرف ماذا تقول ؟!
يا لحسرتنا على الكفاءات !!
المجهر السياسي