(زوبعة في فنجان) عبارة فتقت آذاننا منذ بدايات نشأتنا وتقال في مواقف كثيرة أشهرها ذيوعاً في المواضيع التي تبتدئ كبيرة ثم يتقلص حجمها الحقيقي سريعاً و تصبح بحجم أصغر مما بدات به و طفحت على السطح في رابط عجيب بين ما يحدث و ما يرى في ذلك الفنجان الصغير في دلالة واضحة تشير إلى التناقضات التي قد تحدث في بعض المواقف لتخلق خللاً وجدلاً في تعريف ما حدث بين الحقيقة والخرافة
ولعل هذا التناقض الذي ورد في أمر التعريف ما بين الحقيقة والخرافة يرجع في حقيقته لما يحتويه الفنجان من ماء وقهوة محمصة و مطحونة و زنجبيل و هيل و سكر و شخص صاحب كيف و مزاج يريد إحتساء هذه القهوة في ثواني ليصل بها إلى حدود نهايات الكيف والمزاج .. و ذلك يعني ان كل تلك الزوبعة التي خلقتها محتويات هذا الفنجان إنتهت سريعاً بنهاية إحتسائها و مردود هذا التفسير يًقرأ على الحقيقة … وأما الخرافة تبتدئ عند نهاية آخر جرعة بالفجان ، و علاقته فارغاَ بمحتسي هذه القهوة و ما تبقى منها في آخر الفنجان و ما تقرأ منه قارئة الفجان من قصص خرافية يشيب لها الرأس و قد تخلق زوابع أشبه بالرعدية وتنتهي بإنتهاء مجلس القهوة وتفسر تلك الزوبعة علي مرود الخرافة .. و على كل حال فإن كل من التفسيرين يدل على حدوث امر ما خلق جدلاً واسعاً و مشكلة متشعبة إنتهت بدون حلول
تلك الزوبعة التي نشأت في فنجان من تقاطعات تصريحات الناطق الرسمي بإسم الخارجية الذي كان غير مفوضاً بتصريح ما تبرع به من حديث أتى به وحي خياله و الذي تفضل به كرماً حاتمياً إنصب في مصلحة ما تصبو إليه دولة الكيان الصهيوني لعمل مقاربات مع السودان و تطبيع علاقتها مع الدولة التي نفذت المقاطعة بأكثر مما كان مطلوباً منها .. و ما تبع ذلك من نفي صريح ورد على لسان وزير الخارجية.. و لم يكن ذلك من اجل نفي الموضوع كمشروع تحت الدراسة و انما كان ذلك فقط لنفي التكليف من قبل الوزارة َ عن الناطق الرسمي بإسمها في مثل هكذا مواضيع .. و كليهما خرجا عن القالب الدبلوماسي فكان خروج الناطق متمثلاً في فتح باب أمل عريض لم يحسم بعد من قبل متخذي القرار في الحكومة الإنتقالية و إستفادت من دولة الكيان الصهيوني، مستغلاً في ذلك زندية الدبلوماسية بإختلاقه هذا التصريح الذي لم يدعمه موقف الوزارة فضلاَ عن موقف الحكومة .. وكذلك كان خروج وزير الخارحية عن القالب الدبلوماسي بتصريحه الذي لم يخرج بجديد خلاف انه فسر الماء بالماء مستغلاً في ذلك أيضاً معكوسة الاول وهي دبلوماسية الزندية لخلق مواقف متناقضة داخل أروقة الوزارة المعنية بممارسة العمل الدبلوماسي .. و كان من المفترض ان تبني بدبلوماسيتها مواقف لا تتعارض مع بعضها في امر تم حسمه منذ ايام حكومة الإنقاذ بمعاومة الحكومة التشادية و وضع معالمه سعادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان في لقائه الاخير بعنتبي مع رئيس دولة الكيان الصهيوني و الذي كان وفق مقاربات سعت فيها المرحومة نجوى قدح الدم
و لكن المزعج في الأمر هو إستمرار الناطق الرسمي للخارجية في ركوب راسه بإستخدامه العضلات الدبلوماسية و إصراره على موقفه لتبرير تصريحاته بإعتبار أنها كانت خاصة به و لا تمثل الوزارة في شيئ وهو محسوب عليها في هذه الوظيفة الرفيعة التي تمثل حال لسان الوزارة .. فهذا الرجل يذكرني بالمرأة الناشز التي تخرج عن طوع زوجها وتبرر لذلك الخروج .. فيجب على الوزارة أن تتعامل مع مثل هذه المواقف ليس بتكذيب ما ذهب إليه الرجل فقط بل عزله و فوراً عن هذا الكرسي الذي يمثل هرم الدبلوماسية و لسان حالها الناطق بها