سفينةُ الحياة كبيرةٌ إبحارها واسع، لكنها في السودان قصيرة ومملة..!الكلمات عاجزة لا تُحسن التعبير، الوصف والشرح أقرب للمكرر، الموضيع هي ذاتها بلا جديد، فالمشكلات التي كتبنا عنها قبل عشرة أشهر تستمر بلا حلول أو معالجات..أيعقل أن يضيع اليوم في صفوف الوقود والخبز فقط..؟ أيعقل أن يُحلق الدولار عالياً بلا منطق، فجأةً دون مقدمات، بلا رقابة أو مساءلة..؟
ضياع الساعات وارتفاع الدولار وغلاء الأسعار بات معلوماً بالضرورة، نقص الخدمات وانقطاع الكهرباء والتدهور الصحي المريع أشياء لا تخضع لجدال، حقاً هي الفوضى ليس إلا..!
لكن ليتها اقتصرت على تلك المشاكل، فهناك أمرٌ غائبٌ عن الحكومة وهو عمر شبابٍ ضائع، لا أحد في الدولة يهتم به.
نعم.. فالثورة التي بدأت في ديسمبر من عام 2018، كانت أولى تداعياتها إغلاق الجامعات السودانية والتي استمر تعليق الدراسة فيها نحو عام.بدأت إجراءات تسجيل الطلاب “الجُدد” بضعف واضح في تقسيم الدراسة بين طلاب العام الجديد والسابقين، إذ لم ينعموا برؤية الجامعات إلا بضعة أشهر..
ظهر وباء كورونا بعد ذلك، فٌعلقت الدراسة منذ مارس الماضي وحتى الآن، ولا يبدو أن استئناف الدراسة مهم على الإطلاق لهذه الحكومة.التعلل بكورونا لا يبدو منطقياً، فالاختلاط الآن بين الناس واضح منذ الصباح الباكر حتى المساء، كما أن البدائل موجودة بتقسيم الطلاب إلى في كل كلية إلى قاعتين بدلاً عن قاعة واتخاذ الإجراءات الاحترازية، لكن وزيرة التعليم العالي إنتصار صغيرون قالت في إحدى تصريحاتها “إن الجامعات لها الحرية في اختيار التعليم الالكتروني”..!
تصريح يُشعر المتلقي بحالة اللامبالاة العامة لعدد من مسؤولي الدولة، إذ يُفهم من حديثها “كل جامعة على كيفها”، من أراد تعليم الطلاب الكترونياُ فليفعل، ومن لا يرغب هو حر..!
ذات الوزيرة تحدثت من قبل عن مشكلات الجامعة قائلة إن عدداً من كليات طب الأسنان تعاني نقصاً في الكراسي..!
وكأن الكراسي الآن هي مشكلة في هذا الوضع المأزوم.؟
جامعة الخرطوم أعلنت استئناف الدراسية بداية سبتمبر المقبل، فماذا عن البقية..؟
ألا يكفينا وضعنا الاقتصادي المتأزم، والفشل الواضح في تحقيق شيء ملموس؟
لماذا حتى في قضايا استئناف الدراسة وعودة الجامعات يظهر العجز في الاهتمام بالطالب واستسهال ضياع عمره..؟
هل قُدر على المواطن السوداني أن يبقى أسيراً للصفوف ومعلقاً مهملاً في علمه وعمله وحياته..؟