بعد أكثر من 20 عاماً تسلم السفير نور الدين ساتي، مهام سفارة السودان لدى الولايات المتحدة الأمريكية، كأول سفير سوداني يعتمد رسمياً بعد الثورة ونهاية عهد الإنقاذ.
في البدء نسوق التهنئة لسعادة السفير نور الدين ساتي، ونتمنى له السداد في هذه المهمة التي يتطلع فيها السودان إلى عهد جديد.قد يرى البعض أن ساتي لن تكون أمامه تحديات ضخمة بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى مع التقدم الذي شهدته عملية التسوية مع أسر ضحايا تفجير سفارتي واشنطن بنيروبي ودار السلام، فالمؤكد أن الدبلوماسية السودانية ستكون أمامها الكثير من العقبات لتنهي تأثيرات مرحلة المقاطعة وتتمكن من إحداث اختراق سياسي واقتصادي حقيقي في العلاقات بين البلدين.
الخارجية السودانية أمام تحدٍ كبير، يستوجب وضع إستراتيجية انتقال من مرحلة المقاطعة إلى مرحلة التعاون المشترك، سيكون غير مجدٍ اعتبار قرار رفع العقوبات من الجانب الأمريكي أمر كافٍ للدخول مباشرة في شراكات اقتصادية وجذب استثمارات جديدة، المطلوب التركيز على إبراز الفرص الاستثمارية التي تتيحها إدماج الاقتصاد السوداني في الاقتصاد العالمي، ليس مع أمريكا فقط وإنما باستهداف دول أوروبية وعربية وأفريقية.
عملية استفادة السودان من رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وعودته إلى محيط المجتمع الدولي ليست سهلة ولن تتم بتصريحات المسؤولين وبيانات الإشادة وكرنفالات الفرح والدعاية. فالجهات المستهدفة للتعاون لا تتعامل مع الدعاية بل بتوفير البيئة المشجعة والإرادة القوية، وانتهاج سياسات إصلاحية في الاقتصاد عامة والبنوك تحديداً، الأهم في ذلك توفر بيئة الاستقرار الأمني والسياسي وتحقيق السلام.
ما يحدث في الداخل من توترات أمنية وحروب قبلية، فشلت الحكومة في وضع حد لنهاياتها، وتأخر تحقيق السلام وعمليات التسويف تجاهه، بجانب عدم الاستقرار الاقتصادي وفشل بنك السودان المركزي في اتخاذ سياسات استقرار العُملة وانهيار العُملة الوطنية، كلها عوامل قد تضعف من الاستفادة من خطوات التطبيع مع أمريكا وإزالة اسم السودان من القائمة السوداء.
مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، تيبور ناجي، أطلق تصريحات جيدة لدى لقائه السفير نور الدين ساتي، وقال إن بلاده تنوي إقامة احتفال كبير عندما يتم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، كما تحدث عن إمكانية الشراكة بين البلدين، وأشار إلى استئناف عدد من الشركات الكبيرة أعمالها مع السودان مثل مايكروسوفت، زووم، مونترباورسيستم، مما يشير إلى وجود رغبة من الإدارة الأمريكية على فتح صفحة جديدة مع السودان في ظل عهد جديد.
لكن حتى لا تكون الشراكة مجرد (غنا) على فم المسؤولين والإعلام، لابد من إحداث تغييرات كبيرة تحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني بالبلاد، ونبدأ بوقف الحرب وطي ملف السلام والإصلاح الاقتصادي، وإعادة هيكلة البنوك، رغم صعوبة هذه المطلوبات خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية، لكن دون تحقيقها لن تستطيع الدبلوماسية السودانية أن تحقق مكاسب مرتجاة من رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.
صحفية السوداني الدولية