كلام صريح _ الحلول السهلة _ سمية سيد
بالأمس، أشرت في هذه الزاوية إلى أرقام الميزانية المعدلة التي اجازها الاجتماع المشترك لمجلسي الوزراء والسيادي.
وكما هو واضح من قراءة وتحليل الارقام والبيانات فإن حكومة الثورة التي جاءت لتخفيف المعاناة عن الشعب، اختارت الحلول السهلة للخروج من المأزق الاقتصادي ..لكن هي ذات الحلول التي كانت تلجأ إليها حكومة النظام البائد، فقذفت بها إلى مزبلة التاريخ.
ولو كانت الحكومة الانتقالية على قدر من الإرادة السياسية لنظرت إلى الحلول الأخرى وهي الأسهل والأقل تكلفة على الشعب..للأسف لم تفكر حكومة حمدوك في الإنتاج الزراعي والصناعي ولا في الصادرات والاستثمار.. كان همها منذ البداية في الدعم الخارجي.. المنح والقروض.. او لم تذكرنا وزيرة المالية المكلفة د. هبة بأننا نشحد!.
ولم تفكر في الحل الأسهل وهو أيضا يحتاج إلى إرادة قوية. وهو الانضباط المالي وترشيد الصرف، والضبط المؤسسي، وتنفيذ إجراءات ولاية المالية على المال العام.. لكن ذات عقلية الرهبة والخوف من الأجهزة الأمنية تسيطر على عقول الحكام.. لم تستفد الحكومة من قوة دفع الشارع والمجتمع الدولي لتضع يدها على مؤسسات وشركات الأجهزة الأمنية التي تسيطر على نسبة عالية من الإيرادات من اول وهلة لتكون تحت إشراف وزارة المالية.
خاب الأمل في اللجوء إلى الخارج إذ أن الأداء الفعلي للربع الأول أكد أن صافي التمويل الخارجي يعادل 600 مليون دولار ..مثلما خاب الأمل في توقع استقطاب الاستثمار الخارجي بعد أن انتفت عوامل هروبه بعد زوال النظام. لكن المؤسف أن الحكومة فشلت منذ البداية في تسويق الفرص التي اتاحتها الثورة.
من كان يصدق انه وبعد التغيير السياسي المذهل يتراجع معدل نمو الاستثمار الكلي من 12.5% إلى سالب 7.1%!
هذا التراجع وضعف الإرادة جعل حكومة حمدوك تلجأ إلى الحلول السهلة بالاستعانة بالبنك المركزي والطباعة ..رب ..رب..رب .نفس كتاب الانقاذ للحلول الاقتصادية.
أمس أعلنت اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير رفضها الميزانية المعدلة. كذلك رفضتها قوى الإجماع الوطني، لما لها من تأثير سلبي على معاش الناس.
ما يلفت النظر هنا ليس الرفض، إنما إهمال حكومة حمدوك للحاضنة السياسية التي أتت به على رأس الوزارة!
التعديل على الموازنة لم يعرض على المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير للعلم حتى ناهيك من أخذ الرأي أو دراسة التعديل والبحث عن بدائل.. وعندما اطلع عليها من تقارير نشرتها صحيفة إيلاف طلب من وزيرة المالية المكلفة تبليغ طلبها لرئيس الوزراء بتأجيل عرض الموازنة المعدلة لأسبوع بغرض دراستها. لكن لم يأبه رئيس الوزراء للطلب، أو قد تكون الست الوزيرة لم تفكر اصلا في رفع الطلب إلى جهة الاختصاص.