الخرطوم – رندة بخاري
الخالة أمنة المشهورة ( بأمونة ) تجلس في ناصية شارع البلدية منذ اكثر من ثمانية وعشرين عاما، بدأت رحلة كفاحها منذ سنوات شبابها الأولى وهي تحمل رضيعها بين يديها اذ اجبرتها الظروف على العمل بمهنة (بائعة الشاي) بجانب بيعها للبليلة والباكمبة من اجل تحسين وضعها المادي ومجابهة متطلبات الحياة وها هي الآن تحصد ثمار سنواتها برؤية ابنائها حملة شهادات جامعية.
قرار صعب
نظرت امنة بعيدا وكأنها تحاول استدعاء ذاكرتها لثمانية وعشرون عام مرت قبل ان تبدأ بالحديث، سكبت كوب قهوتها وعدلت من وضعية (براد) الشاي فلربما يأتي زبون على عجالة من امره وارتشفت من كوب القهوة وقالت : انا امتهن مهنة بيع الشاي منذ 28 عاما عانيت كثيرًا من أجل الكسب الحلال، بينما اتيحت لي فرصة بيع الخمور البلدية لكنني رفضت الرزق الحرام وما بين شد وجذب الحياة قررت ان أبيع الشاي على مرأي ومسمع من الجميع فالقرار لم يكن سهلا ”
وجدت معارضة
وتواصل “أمونة” كما يحلو لزبائنها مناداتها “عندما قررت بيع الشاي بشارع البلدية وجدت معارضة شديدة من اقرب الاقربين لكن الظروف المعيشية الصعبة التي أمر بها كانت اقوى من كل الاصوات المعارضة ومع مرور الوقت هناك من تقبل ولكن البعض لا زال على رفضة لكن العمل بالشارع اكسبني كثيرًا اذ انشأت صندوق اجتماعي للعمال بالشارع وخاصة ذوي الدخل المحدود من اجل مجابهة ظروف الحياة الصعبة بجانب صندوق اسري اخر ايضا لذات الغرض”.
فخورة بأبنائي
رحلة الكفاح هذه كانت من اجل ان ترى ابنائها حملة شهادات جامعية وتقول بفخر “ابني الأكبر قاسم تخرج في كلية قاردن سيتي علوم حاسوب ومحمد احمد موظف بالسلاح الطبي اما ابنتها اسيا فتدرس بجامعة بحري كلية ادأب تخصص لغة انجليزية وتعمل استاذة متعاونة في عدد من مدارس الحي حيث نقطن”
اختفت الكشة
وعن معاناتها كبائعة شاي كان اكثر ما يعانون منه وبقية البائعات هي الكشة التي كانت تقوم بها محلية الخرطوم ابان النظام البائد، اذ كانوا يصادرون كل معينات العمل من (كبابي ومقاعد) ويفرضون عليهم غرامات مالية احيانا يضطرون على حد قولها الى عدم الذهاب الى ( حوش المحلية) لاستلام ادوات العمل المصادرة لان قيمة الغرامة قد تأتي بعدة جديدة وتضيف” بعد ان ارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة تنم عن الرضا الان بعد الثورة الاوضاع استقرت واختفت الكشة”.