ومِن الأخبار التي تبدو مُفرحة، وما هي كذلك، خبر إلغاء المجلس السيادي لصفقة السّيّارات المشبوهة (35 سيارة)، قيمتها (482) مليار جنيه.. وشُكراً للزميلة الغرّاء (اليوم التالي)، إذ هي التي كَشفت هذه الصفقة المشبوهة قبل اكتمال فسادها.. فالأمانة العامة لمجلس السيادة اختارت شركة – بيست انفستمنت – لشراء السيارات (بلا عطاء)، وهذا ما يُخالف قانون الشراء والتعاقد المعمول به.. وكان غريباً ومُعيباً تبرير الأمين العام لمجلس السيادة، إذ قال بلا تلعثم: لم نطرح العطاء للعام، لتوقُّف الصحف عن الصدور فترة الحظر بسبب جائحة كورونا..!!
أولاً، هل مَا عليه حال الناس والبلد – من نقصٍ في الغذاء والدواء والوقود – يستدعي استيراد (مواتر)، نَاهيكم عن سيّارات فارهات؟.. ثانياً، لماذا العُجالة وعدم انتظار عودة الصُّحف ليُطرح فيها العطاء العام؟.. أم أنّ السادة رئيس وأعضاء المجلس السيادي، وضيوفهم الكرام، يقفون على قارعة الطريق، تحت لظى الهجير وأمطار الخريف، ولم يجدوا وسائل نقل تقلهم من وإلى ديارهم أو فنادقهم أو القصر، فسارع الأمين العام لشراء هذه السّيّارة بهذه العُجالة وقبل مُعاودة الصحف للصدور؟.. وثالثاً، هل الصحف هي الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي تسع مساحاتها لكلمات العطاء العام..؟؟
للدولة فضائية وإذاعة قوميتان حكوميتان، وبالولايات إذاعات وفضائيات حكومية، وبالدولة قطاعٌ خاصٌ يمتلك فضائيات وإذاعات أكثر من عدد العربات المُراد شراؤها بنهج (أُم غُمتي)، والذي ثار الشعب ضده.. لماذا لم يلجأ الأمين العام لوسائل الإعلام الأخرى؟.. لا إجابة، وعليه فإنّ هذا العُذر أقبح من الذنب.. ولذلك على الأمين العام للمجلس السيادي الفريق الركن محمد الغالي الاعتذار (عنهما)، أي عن الذنب والعُذر، ثم التكفير عنهما بمُغادرة هذا الموقع الحسّاس باستقالة تحترم قيم وأهداف وأسباب وشُهداء الثورة..!!
نَعم، هي ثورة ضد الفساد أيضاً، وما أقدم عليه هذا الأمين العام نوعٌ من الفساد، وما لا خلاف عليه هو أنّ إلغاء الصفقة قرارٌ يُشكر عليه المجلس السيادي، ولكن القرار وحده لا يكفي.. لو لم تكشف (اليوم التالي) الصَّفقة لاكتمل فسادها في الخَفاء.. ولكي يصبح خبر إلغاء الصَّفقة مُفرحاً، ولأنّ الفريق الغالي أبدى استعداده التام لتصحيح أيِّ خطأٍ حَدَثَ في الإجراء وتعارض مع قانون الشراء والتعاقد، فالإقالة – أو الاستقالة – يجب أن تكون مُرفقة مع قرار إلغاء الصفقة، هذا ما لم يَكُن شعار المرحلة (افسدوا في الخفاء)..!!
وبالمُناسبة، أين قانون مفوضية مُكافحة الفساد؟.. فالشاهد، قبل أشهر، تمّ نقاشٌ بين مولانا نصر الدين عبد البارئ وزير العدل ومولانا تاج السر علي الحبر النائب العام، حول تعديل بعض مواد قانون مفوضية مكافحة الفساد، ثُمّ لم نسمع عن القانون ومفوضيته شيئاً.. نأمل أن يُسارع مجلس الوزراء ووزارة العدل والنيابة العامة في تشكيل هذه المُفوضية المُهمّة، وتعديل قانونها، بحيث يشمل التعديل المادة (25).. برلمان النظام المخلوع أضعف هذه المادة لحماية سلاطين الفساد..!!
إذ كانت تقُرأ: (على الرغم من أي نص قانوني آخر لا يتمتّع أيِّ شخص بأي حصانة في أي إجراءات تحقيق تتخذ بواسطة المفوضية)، وتم إضعاف النص بأن تلتزم المفوضية بإخطار الجهة التي يتبع لها المطلوب للتحقيق، وفي حال تخلُّفه عن المثول تُحال نتائج التحقيق إلى الجهة المُختصة لتُباشر إجراءات (رفع الحصانة).. لا حصانة قضايا الفساد.. وفي الدولة المدنية ليس هناك ما يمنع الشرطي عن طرق أبواب مكاتب المسؤولين بغرض التحري والتحقيق.. وبالمؤسسية، وأجهزتها العدلية، وليس باللجان السياسية، يجب مُكافحة فسادكم وفساد الفلول..!!
tahersati@hotmil.com