أحمد يوسف التاي يكتب: «الهمباتة والمرتشين» يا والي سنار
بدءاً نُرحب ترحيباً حاراً بوالي سنار الجديد، الماحي سليمان، ونتمنى له التوفيق في إدارة الولاية بالعدل والإنصاف وتطبيق القانون… وأودُّ أن يكون أول تواصل بيننا هو هذه الرسالة المفتوحة والتي سأشير فيها إلى جُرحٍ عميق ظل ينزف دماً وقيحاً وتتجدد معه آلام المزارعين بالولاية في كل عام ،ولا أقول إن هذا الجرح أعيا الطبيب المداوي، لأنه في الواقع لم يقترب منه «الطبيب» أصلاً ، إذ أنه لم يكن متحمساً للمعالجة، ولا يمتلك القدرة عليها ولا الرغبة فيها، ونأمل صادقين أن يضع «الماحي» يده على هذا الجُرح ليمحو الله به خطايا التزوير الذي أدمنته بعض مكاتب الزراعة والمساحة، وممارسات الفساد التي يشهدها ملف قطاع الزراعة الآلية في الولاية…
السيد الوالي لدي معلومات موثقة أن 50% أو ربما أكثر من الذين يحصلون على التمويل الزراعي والجازولين المدعوم هم في الأصل «لصوص» محتالون ومزورون ويمارسون الغش على نطاق واسع، وهم في حقيقة الأمر أشبه بـ «مافيا» تنشط في تجارة الجازولين بالسوق الأسود وتبيعه بواقع 30 ألف جنيه للبرميل بعد الحصول عليه بمبلغ «2» ألف جنيه…
المئات من «المحتالين» يحملون الشهادات المزورة من وزارة الزراعة لتقنين سرقتهم جاز المزارعين المدعوم، وتسهيل عملية بيعه في السوق السوداء لأنهم ببساطة لا يملكون أرضاً للزراعة، وليس لهم نشاط زراعي، وللأسف الشديد الحكومة تشارك في هذا التزوير والتلاعب… هذه «المافيا» يدخل الواحد منها مكاتب الزراعة والمساحة فيخرج بورقة صغيرة تحوي «1000» فدان، ومنهم من يسجل جمعيات زراعية وهمية بآلاف الأفدنة وبذات «الدغمسة» يجد كل الاهتمام والتقدير من مكاتب البترول، وأفرع البنك الزراعي، وبالمقابل تضيع حقوق مئات المزارعين الحقيقيين الذين يضطرون إلى البحث عن الديزل في السوق السوداء لدى «المافيا»…
ما تقوم به هذه «المافيا» هو نشاط طفيلي إجرامي يضاعف كُلفة الإنتاج للمزارعين الحقيقيين الذين يُرغمون على شراء برميل الجازولين في اللحظات الحرجة بواقع 30 ألف جنيه من «مافيا الجاز» بدلاً عن «2» ألف جنيه..
أعرف يقيناً أن هناك مئات المزارعين الحقيقيين دفعوا رسومهم كاملة ولم يحصلوا على لتر جازولين واحد إلا على الورق فقط ومازالوا في انتظار الجازولين، بينما حصل «اللصوص» على «الحصة» المنهوبة كاملة…في بعض المحليات شوهد أشخاص يحملون شهادات جاهزة ومختومة يبيعونها في السوق علناً كأنما يبيعون صحفاً… في كثير من محطات الوقود تتزاحم النساء والرجال الذين يحملون تصاديق وهمية ويحصلون على «حصة» لـ «تدبير» مصاريف اليوم…
نأمل أن يعطي السيد الوالي جزءاً من اهتمامه لحسم هذه الظاهرة التي حولت قطاعاً كبيراً من المواطنين إلى «همباتة» وطبقة طفيلية تمارس نشاطاً مدمراً لأهم قطاع إنتاجي في الولاية، فقد كتبنا عشرات المقالات حول هذه الظاهرة، وبعثنا بعدد من الرسائل لوزراء الزراعة السابقين واللاحقين، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك ،رئيس اللجنة العليا لإنجاح الموسم الزراعي وسنظل نطرق على هذه القضية، ونضيّق الخناق على «الهمباتة» و»المرتشين» حتى نقضي عليها بإذن الله… اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.
نشر بالانتباهة