ود مدني مدينة جميلة و ما حولها من قرى .. و هذه المناطق مليئة بقصهها ذات الإرتباط الذي يوحي بجمالها من خضرتها و عذب مائها و تنوع ثقافاتها وإرثها الإجتماعي الزاخر بألوانه المتداخلة و الفريده التى تضم جميع ألوان الطيف السوداني .. فكنت في ضيافة رجل من تلك المناطق الساحرة لا يمله الجالسين في صالونه العامر و هو صاحب أنس و ظرف وكرم فياض .. ولهذا يكون مجلسه دائماً عامراً بأصحاب الزوق الراقي وجميعهم على شاكلته وكرمه الذي كان مورثاً من والده الرقم المتفرد في العطاء والكرم والإنفاق العم (علي كيلا) عليه ألف رحمة من الله تغشاه في أعالي فراديس الجنان
هذا الرجل هو إبنه عبد العظيم علي كيلا .. فله حكايات شيقة يرويها فتطلق وجه العبوس و تدخل البسمة علي الحاضرين و قد تصل بهم إلى أعلي درجاتها وهي الضحك و (القهقهة) .. فقد روى لنا قصه رجل فارس إسمه الحاج أحمد و لكنه كان أحمق .. وكان يمتلك حواشة لا يقوم برعايتها على الوجه المطلوب لانه على درجة من الكسل و كان لا يجد الوقت الكافي لرعايتها وتنظيفها .. فهو حرج الصدر وضيّق الخلق غضوب و لكن برغم ذلك كان قريب الرضا .. و كان يتعامل مع الناس بردود الأفعال وخصوصاً الذين يقومون بمحاولة إحراجه في أية أمر ولهذا كان يتم وصفه بانه من النوع (ضيق الخلق) .. فكانت حواشته ملئية بالحشائش المضرة بالأرض وكذلك الجدول الذي ينقل الماء من الترعة الرئيسية إلى حواشته و يسمى ب (أب عشرين)
*و في زيارة مباغتة حضر المفتش الزراعي فوجد حال تلك الحواسة البائسة لا يسُر .. فكانت تملؤها الحشائش و كذلك تسد مجرى الماء في الجدول .. فقال له يا حاج أحمد بجب عليك ان تنظف هذه الحشائش الغير مرغوب فيها وإن لم تنطفها فذلك سوف يعرضك لعقوبة الجلد المنصوص عليها في القانون .. و سوف اكرر زيارتي لك يوم غدٍ فإن لم تفعل فسوف أنفذ عليك العقوبة و هي الجلد .. فرد للمفتش وقال له : يا حضرة المفتش يجب عليك أن تعلم من الآن إنني لن أقوم بتنظيفها وكما إن لم تقوم بجلدي لن أفعل ذلك .. و لم يكتفى بهذا التحدي فقط بل زاد عليه و إن لم تقوم بجلدي الآن سوف أقوم أنا بجلدك فإندهش المفتش من كلام حاج أحمد وقبل أن يفيق من دهشته وصلته صفعة شديده على وجهه ترنح على إثرها و كادت أن تغقده وعيه وقبل أن يفيق من عظم ما حدث له قام بخنقه ورميه في جدول الماء (أب عشرين)*
*في تلك اللحظات وصل جمع غفير من الناس وفضوا النزاع بينهم وأخرجوا المفتش من الجدول و قاموا بمسك حاج أحمد الذي فقد صوابه*
*خرج المفتش مبللاً بالماء و مصدوماً من هول ما حدث له ومتألماً من تلك الصفعة التي أفقدته وعيه ، فذهب و قدم شكوى رسمية ضد حاج أحمد إلى (عمدة البلد).. وحدد العمدة جلسة رسمية للمحكمة للنظر في هذه الشكوى ..و في اليوم المعلوم تم إقتياد الحاج أحمد وإحضاره إلى مكان المحكمة . فقال لهم العمدة أحكوا للمحكمة ما حدث فقال المفتش يا حضرة العمدة هذا الرجل قام بصفعي على وجهي (كف) و سكت … فقام الحاج أحمد وقال مضيفاً إلى كلام المفتش و كذلك قمت بخنقه و رميه في الترعة .. فقال له العمدة لن ننظر في الخنقة و رميك له في الترعة لان الشاكي لم يذكرها في دعوته وسوف نحكم عليك فقط بالصفة .. فحكم عليه العمدة بالغرامة وهي 25 قرش.. إستقلل حاج أحمد الغرامة و قال : يا حضرة العمده يعنى ذلك أن الصفعة الواحدة ب 25 قرشاً ؟ فقال له العمدة نعم غرامة الصفعة 25 قرشاً .. فما كان من حاج أحمد الا و ان أخرج من محفظته 25 قرشاً و أعطاها للعمدة.. وكذلك أخرج 25 قرشاً أخرى و وضعها على جنب امام المحكمة وقام بصفع العمدة صفعة قوية على وجهه وتدخل الحاضرين وامسكوه.. فقال للعمده الغرامة ال 25 قرشاً قمت بدفعها للمحكمة مقدماً.. فوالله لو لا وجود هؤلاء الرجال الذين قاموا بمسكي منك لأفرغت كامل ما أحمل من مال في محفظتي فيك يا عمده*
*الآن ما يحدث معنا من عدم وضع أية إعتبارية لذاتنا من قبل الحكومة واضح جداً في عدم مقدرتها على كبح جماح السوق الذي خنق الشعب و لقد عجز القادرين عن مجاراته فما بال الفقراء .. وبما ان ليس هنالك أى مساءلة أو محاسبة للوزراء و المسؤولين القائمين علي امر ذلك الإنهيار المريع من قبل وزارتي المالية والتجارة في ضبط هذا السوق الذي ركب على ظهورنا من عدم تحديد الأسعار ومراقبة الأسواق وضبطها .. و لهذا نجد من المسؤولين هذا الإهمال الواضح والفاضخ للحكومة تجاه معاش الناس.. فتخيلوا أن تكون أسعار الأضحية بهذه المبالغ الخرافية التي حالت بين الناس و الخراف .. و يظهر ان حاج أحمد (الوزراء المعنيين) قد قاموا بدفع غرامة المحاسبة مسبقاً .. و لنتقبل نحن صفعاتهم علي وجهوهنا وإن لم نقوم بمسكهم سوف يفرغون فينا كامل ما يحملون من مال بمحافظهم*
*للمحافظة على الصحة العامة و لإصحاح البيئة يجب علينا دفن مخلفات الأضحية في حفر عميقة وكما يجب علينا التقيد بتوجيهات وزارة الصحة في التباعد الإجتماعي في تجمعات العيد لسلامتنا .. لأن الكرونا ما زالت تمكث بيننا*
*وكل عام وأنتم بالف خير وعافية*