أذا عرف السبب _ ارتداء ثياب الضحية _ أسامه عبد الماجد

ظهر تجمع المهنيين وكأنه في مرحلة مراجعات وتقييم ومن ثم تقويم ما إعوج من فعل وعمل.. فاعلن نفض يده من كل مايجمعه بمكونات الحرية والتغيير .. صحيح المراجعة مطلوبة وتحسس الأرض قبل التقدم أمر محمود وواجب خاصة في السياسة، فالخطأ أحياناً قاتل .. مثل الهدف المباغت في مباراة لكرة القدم تلفظ أنفاسها الأخيرة.

لكن تأخر تجمع المهنيين كثيراً بخطوة الانسحاب والتصعيد – في آن واحد – التي أعلن عنها أمس .. توضح أنه سلك الطريق الخطأ وهو يضع نفسه في خانة الضحية والآخرين هم الجناة.

 

أسهل شيء أن تظهر في ثوب الضحية .. ارتداء ذلك الثوب يجلب لك الكثير من المتعاطفين .. ويجعل ملايين أعين المشفقين تتوجه اليك .. ويرفع عن كاهلك تحمل المسؤوليات حتى وإن جاهرت بارتكاب جبل أخطاء.. وهذا ماحدث بواسطة المهنيين .. ولكن لأن الجميع كان ينظر اليهم بانبهار، فإنه ما من أحد يقبل أن تقول (بغم) في التجمع.

الخطأ الاستراتيجي كان في عدم بناء المهنيين للبديل .. وضح ذلك من الشعار (تسقط بس).. الذي لا يدل على وجود برنامج بعد رحيل الانقاذ.

ظل تجمع المهنيين يتحرك بلا هدي .. ويتحدث دون تركيز، ويعمل بلا فكرة .. تعامل كناشط لا سياسي .. وكمعارض لا حاكم .. وكناقد لا موجه .. ظل (المهنيين) يخرج البيان تلو البيان منتقداً ماتقوم به الحكومة.

هل سمعتم يوماً المؤتمر الوطني انتقد الحكومة؟؟ .. بالطبع لا لأنه يقوم برسم سياسات الحكومة .. ويجيز مكتبه القيادي ما يأتيه منها.

الحكومة الانتقالية، غير ملامة حتى وإن كان رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك يحاول أن يبدو ممسكاً بدفة المركب .. التي بدأت تدخل اليها المياه من كل جانب .. وبدأ شراعها في التمزق بعد أن ضربته رياح الاقتصاد بقوة .. وذهب البدوي وهو يصرخ عن مؤامرة إطاحته.

لا يعقل أن يتحدث تجمع المهنيين عن وثيقة دستورية شارفت على اكمال عامها الأول .. ليقول إنها لا ترضي التطلعات .. وقد وقع عليها أمام العالم ابن التجمع أحمد ربيع .. وتلا خطاب الحرية والتغيير بقاعة الصداقة ابن التجمع محمد الأصم .. وكان يومها الاتفاق وكأنه مع تجمع المهنيين لا الحرية والتغيير.

لو يومها خرجت مجموعة من التجمع رافضة للاتفاق لاستحقت أن ترفع لها القبعات وهو مالم يحدث .. بل تعانق يومها قيادات التغيير رجالاً ونساء فرحين بالاتفاق مع العسكر.

استسهل (المهنيين) ، السلام فأرسلوا الأصم للحركات في أديس أبابا معتقدين أن الأمر نزهة .. وقال عضو السيادة التعايشي إن ماحققوه في ثلاثة أيام يفوق ما أنجزته الإنقاذ في ثلاثين عاماً .. وهاهو قطار السلام لم يتحرك من محطته الأولى.

بصراحة وجد حمدوك نفسه تائهاً .. لم ير أمامه صلة واضحة ومرسومة لعلاقة تجمع الحاضنة السياسية ممثلة في الحرية والتغيير مع الجهاز التنفيذي الذي يديره .. لذلك ظهرت – حتى وإن كانت إشاعة – (شلة المزرعة) و(شلة الكوتشينة).

تحدث (المهنيين) عن تراجع أولويات المحاسبة وإزالة التمكين .. بينما لا هم ولا عمل للحكومة سوى إزالة التمكين .. حتى فاق (المهنيين) وبدأوا يرون جرار الإزالة قادم نحوهم.

Exit mobile version