نقل نائب الرئيس – وقتها- علي عثمان محمد طه ، إلى د. عبد الحليم المتعافي، رغبة الرئيس السابق عمر البشير في تعيينه والياً للخرطوم في العام 2001 .. تفاجأ طه بشرطين وضعهما المتعافي .. أكاد أجزم أنه المسؤول الوحيد، الذي يضع شروطاً لقبول المنصب
أبدى المتعافي عدم نيته مخاطبة اللقاءات الجماهيرية والتحدث في السياسة .. وكان تبريره أن نحو عشرة شخصيات في الخرطوم، (مامقصرة) وفي مقدمتهم البشير، وطه نفسه وأخرون.. والشرط الثاني أنه لا يرغب في ترؤس لجنة الأمن باعتبار قادة (الجيش والشرطة والأمن) بالولاية كل منهم مطلع بمهامه
قبل البشير الشرط الأول على مضض، ورفض الثاني .. ومع ذلك تحايل عليه المتعافي ،فلم يتدخل في صميم عمل الأجهزة النظامية .. سقت تلك المقدمة الطويلة، والحكومة الانتقالية قررت مدنية منصب الوالي .. تنتظر القادمين مهمة شاقة، لجهة أن جميعهم حديثي عهد بهكذا مهام، وبعضهم بالعمل العام .. إلى جانب الواقع المعيشي الخانق، الذي سيجعلهم في مواجهة مباشرة مع المواطن.
لكن التحدي الحقيقي الذي سيجابه الولاة عدم وجود برنامج واضح مطلوب منهم تنفيذه .. وهو المأزق الذي وقع فيه الجهاز التنفيذي .. المفروض أن يتم تحديد المهام بشكل أكثر دقة .. وأن تصمم البرامج (الطبيعي أن تكون جاهزة) وفقاً لوضعية وظروف كل ولاية ومناخها الاقتصادي والسياسي .. شريطة أن يكون القاسم المشترك بينها، خلق شراكة بين الحكومة والمجتمع، (نفير شمال كردفان) على سبيل المثال.. ولا ضير الاقتداء به وتطويره، غض النظر عن هوية عرابه وتوجهاته.
وذلك أن الحكومة في ظل الظروف الراهنة وانسداد الأفق الاقتصادي .. لن تستطيع طرق أبواب التنمية فما بالكم من فتحها .. لذلك المخرج في شراكة رسمية وشعبية .. سيقفز البعض ويقول إن إزالة التمكين أولوية.
أي والي سينشغل بالسياسية سيتلقى هزيمة ثقيلة .. سياسي معروف عين مديراً قبل أشهر انشغل بالسياسة فافتقد الكياسة .. قطع أن أولوياته إزالة التمكين بالمؤسسة التي يديرها .. منى بفشل ذريع .. أن الولايات تختلف عن المركز .. مساحات المناورة ضيقة ، والمراوغة لن تنطلي على المواطن بعكس مايعتقد الكثيرون.
إن الولاة من عدة أحزاب.. وهذا يستدعي بذل جهد أكبر .. لخلق مزيد من التناغم الذي انعدم في المركز جراء التسابق نحو المناصب .. وكان طبيعياً أن ينفجر الأمين العام لحزب الأمة الواثق البرير .. ويقول لصحيفتكم (آخر لحظة) أن الساحة السياسية مشغولة بـ (التفاهات).
انشأ المتعافي خمسة كباري كانت قد اكتملت أربعة عند مغادرته (المنشية ، المك نمر، توتي والحلفايا) وكان المنفذ من كبري الدباسين نحو 40% .. ونفذ ثلاثة كباري (طائرة)، نفق عفراء ، كوبر وجامعة السودان .. وأنشأ خمسة مراكز تدريب مهني بتمويل أوروبي .. وشيد ألف مدرسة .. ويوم تسليمه الولاية ترك بخزانتها خمسمائة مليون دولار (كاش).
فعل المتعافي كل ذلك لأنه لم يسبح في بحر السياسة .. و(البحر بشيل عوامو).