ترى امكتوب على الديمقراطية في السودان الفشل على مر تأريخها في السودان؟ ورغم إننا في الديمقراطية الرابعة بعد عقود طويلة من الأولى التي تلت الإستقلال مباشرة وفشلت لثلاثة أسباب رئيسية بينها فشل الاحزاب السودانية بعد الإستقلال على اي صيغة توافقية حول نظام الحكم والدستور واستمر الخلاف لعدة سنوات، فضلا عن عدم تمكنها من حل مشكلة جنوب السودان وقتها، أيضا تردي الأحوال الإقتصادية ما مهد لانقلاب عسكري بقيادة الفريق “إبراهيم عبود” 1958م، ثم ديمقراطية، ثم عادت العام 1964م، ثم ثالثة برئاسة الصادق المهدي، وها هي الرابعة مع إنها بغير انتخابات، وبعد كل هذه السنوات الطوال _ أى منذ الإستقلال _ والمشاكل هي نفسها وكأن عجلة الزمن لم تتغير أو تبارح مكانها. ورغما عن تناسل الأحزاب التي تجاوزت المائة إلا أن أمهات الاحزاب ما زالت تسيطر على الوضع السياسي وتتنافس على الحكم رغم فشلها المتراكم ومع ذلك لا ترعوى ولم تستفد من تجاربها. ظننا ان هذه المرة التي يتشارك فيها العسكريون والمدنيون يعني استقرارا ولو إلى حد، وفي ظل وضع مدني وحضاري متقدم قد تتبدل وتنضج المفاهيم وأسس الإدارة، وأن هذه الديمقراطية أوالمدنية التي نزفت فيها الدماء وأتت محمولة على جثث الشهداء وبجهد الشباب الخالص ستكون مختلفة تماما لكن ومن أسف عادت نفس الأوجه والأحزاب العجوز حتى وان ضخت فيها دماء جديدة، ومارست ذات التكالب والصراع والمحاصصة الحزبية وكأن البلاد مكتوب عليها أن ان لا تخرج من كنف وعباءة الأحزاب وإلا فحكم العسكر. ترى هل هذه هي الديمقراطية التى ينشدها كل الشعب؟
تتضح معالم فشل الحكومة المدنية الرابعة فيما تنتهجه من سياسة تبدو متخبطة كتلك التي انتهجها النظام البائد آخر أيامه عندما اعياه حل الضائقة الإقتصادية فذهب يغير الولاة تارة، ويجري تعديلات على الوزراء وعدد الوزارات تارة، اما من يقفون على سدة الإقتصاد فقد كانوا يدورون في حلقة مفرغة ولم تشفع لهم القرارات المتوالية دونما توفيق، وهو نفسه ما نراه الآن ولم يعتبروا من سلفهم ودونكم ما وجهت به وزير المالية والتخطيط الاقتصادي المكلفة بزيادة الطاقة الإنتاجية لشركة مطابع السودان للعملة المحدودة وكأنها بذا تختار الحلول السهلة، ما دفع الكثيرين للتهكم بأن نظرية (رب رب رب) السودانية في السياسات النقدية ما تزال فاعلة، وكأن بها لا تدري ان طباعة المزيد من التضخم سيتبعه انفلات في الأسعار ومن ثم جر البلاد للانهيار التام. أما ما صرح به الوزير السابق عن كيفية إدارة الأمور من خلال الحواضن المتعددة للسيد رئيس الوزراء بخلاف الحاضنة الرسمية (قحت) كفيل بنسف إستقرار الفترة الإنتقالية والمؤشرات لذلك لا تخطئها عين.