توصف “بشلة المزرعة”- رجال حول حمدوك.. من هم وماذا يعملون؟
الخرطوم: عبدالرؤوف طه
فجّر البيان الذي أصدره وزير المالية المستقيل إبراهيم البدوي جدلاً جديداً واسعاً في الساحة السياسية سيما أن البيان أشار تلميحاً وتصريحاً للدائرة الضيقة حول رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك أو ما يعرف بمستشاريه، وهم المعروفون اصطلاحاً في الميديا بتفرعاتها المختلفة (بشلة المزرعة) حيث يدور جدل كثيف في أوساط المدينة السياسية وصوالينها التي تتعاطى السياسة حول المجموعة المقربة من حمدوك،الذين أشار إليهم البدوي في بيانه أنهم ممسكون بعدد من الملفات خاصة الاقتصادية، بالبحث والتنقيب عن الدوائر والأشخاص المقربين من حمدوك نجد أن بعضهم يعمل بالجهاز التنفيذي وآخرين من خارج الكابينة الحاكمة بيد أنهم وثيقو الصلة الشخصية والعملية مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، بعضهم يعمل بعيداً عن الأضواء ولا تكاد تتوفر لهم صور في الإعلام التقليدي والحديث. (الانتباهة) وبحسب مصادرها تعرفت على أبرز الشخصيات المقربة من حمدوك الذين يحرص على استشارتهم في أمور الحكم والسياسة.
الرجل الغامض
لم يكن اسمه معروفاً لدى كثير من متعاطي السياسة قبل مجيء حكومة حمدوك غير انه مؤخراً صار الاسم الأكثر رنيناً في الإعلام ومجالس السياسة، ورغم الغموض الذي يكتنف سيرته الذاتية وصار سمة بارزة لشخصيته الا ان (الانتباهة) استطاعت ان تتعرف على ابرز تفاصيل علاقته بحمدوك، سيما بعد تعيين كبير مستشاري رئيس الوزراء، الرجل الغامض هو الشيخ الخضر محمد، التحق بجامعة الخرطوم في العام1975م وبدأت علاقته بحمدوك ابان دراستهما بجامعة الخرطوم، عمل الخضر في اوساط طلاب الجبهة الديمقراطية حتى صار مسؤولاً عنهم بمجمع شمبات في العام 1976م.
و يقول مصدر مقرب منه ان الرجل الغامض يمتاز بشخصية قوية للغاية وقابضة في نفس الوقت وقاسية احياناً، حول تطور علاقته بحمدوك يقول المصدر بخلاف الدراسة في كلية الزراعة بمجمع شمبات جامعة الخرطوم في السبعينيات عمل حمدوك والخضر في وزارة المالية و التخطيط الاقتصادي في القسم الزراعي بعد تخرجهما وفُصلا في اوائل عهد الانقاذ، وقال المصدر ان الخضر تم تفريغه للعمل بالحزب الشيوعي عقب فصله من وزارة المالية.
ابتعاد
واستمر الشيخ خضر في العمل مفرغاً في هياكل الحزب الشيوعي ،وأضاف المصدر:استقال الشيخ الخضر من الحزب الشيوعي مع فصل الشفيع خضر وحاتم قطان، ويرجح المصدر فصله مع ذات المجموعة وليس استقالته، وهنا يبرز السؤال ماذا كان يعمل الخضر قبل تكوين حكومة حمدوك يقول المصدر:” يملك الشيخ الخضر محلاً تجارياً في سوق السجانة بالشراكة مع احد النافذين حالياً بالحكومة فضلاً عن عمله كشريك في مكتب استشاري( شركة استشارية تعمل مع البنك الدولي)”، وبحسب المصدر فان الشركة ارتبطت بعلاقة مع رجل الأعمال ذائع الصيت مو إبراهيم حيث عملت معه في مشروعاته المختلفة في افريقيا وفي السودان ولعبت الشركة التي يعمل بها الشيخ الخضر دوراً كبيراً في تنسيق اسقاط النظام السابق، يختم المصدر حديثه عن الشيخ الخضر بالقول:” المرور لمكتب حمدوك لا يتم الا عبر الشيخ الخضر الذي يعمل حالياً بوظيفة كبير مستشاري حمدوك”.
صاحب المزرعة
ويتساءل كثير من المراقبين عن سر تسمية المجموعة الضيقة حول حمدوك بـ( شلة المزرعة) من هو صاحب المزرعة ،الاجابة على هذه الاستفهامات تقتضي العودة بالذاكرة قليلاً للوراء حيث سُرب فيديو للقيادي الشيوعي المفصول الشفيع خضر يتحدث لمجموعة من القيادات في احدى المزارع ابان زيارة رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان الى يوغندا ومقابلة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وقتها قال الشفيع ان حمدوك على علم بالزيارة واللقاء رغم النفي الرسمي الصادر من مجلس الوزراء، تلك المزرعة وتلك المجموعة هم الموصفون (بشلة المزرعة)، بالتنقيب عن صاحب المزرعة وعلاقته بحمدوك، تحصلت (الانتباهة) على ان مالك المزرعة هو صلاح عوض عمر الذي درس بجامعة الخرطوم وصديق منذ الجامعة لحمدوك ،وكان عضواً بالجبهة الديمقراطية للطلاب الشيوعيين في سبعينيات القرن الماضي وكذلك هو عضو في الحزب الشيوعي الذي غادره بالتزامن مع فصل الشفيع خضر.
مع (مو إبراهيم)
عمل صلاح عوض عمر بمنظمة رجل الأعمال مو ابراهيم، وله كتاب عن التنمية رعته منظمة مو ابراهيم وحضر احتفال تدشين الكتاب عبدالله حمدوك والقى فيه كلمة، كان لديه شراكة في مطعم (الريكة) بالعاصمة الإثيوبية (اديس ابابا) وبحسب مصدر كان صلاح عوض وثيق الصلة بالحركة الشعبية لتحرير السودان قبل انفصال الجنوب، وقال المصدر ان احدى دول الجوار طالبته بمغادرة اراضيها واوقفت نشاطه التجاري ، وبحسب المصدر لديه انشطة تجارية متعددة في بعض الدول الافريقية.
الوكيل الحصري
ربما تكاد تكون الدائرة الضيقة حول حمدوك خالية من أصحاب المناصب التنفيذية المعلومة للجميع ولكن وجود وكيل وزارة الإعلام والثقافة رشيد سعيد يعقوب جعله وكيلاً حصرياً وقريباً من حمدوك، وبحسب المصدر الذي تحدث لـ(الانتباهة) فان رشيد سعيد يعد من ابرز المقربين لحمدوك و من دائرته الضيقة، والمعلومات المتوفرة عن رشيد سعيد تقول انه ينتمي للحزب الشيوعي منذ دراسته بالجامعة، التحق بوزارة الخارجية سنة 1988 في درجة السكرتير الثالث وفصل منها بعد وصول الإنقاذ للسلطة، قيل انه ابتعث لفرنسا من قبل الحزب الشيوعي في كورس لمعهد الادارة بعد مجيء الانقاذ،وانه رفض العودة ومكث بفرنسا وعمل سعيد مذيعاً ومعداً للبرامج في راديو دبنقا المهتم بالشأن الدارفوري ،وعمل كذلك في تحرير نشرة صحفية نصف شهرية في باريس، كانت اطلالته على المشهد السياسي مؤخراً ابان تظاهرات ديسمبر بصفته متحدثاً باسم تجمع المهنيين السودانيين وعقب سقوط النظام تمت إعادته سفيراً بالخارجية وكلف كمدير مؤقت للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون قبل ذلك عُين وكيلاً لوزارة الاعلام والثقافة .
ضابط الإيقاع
من ضمن اسماء المجموعة الضيقة حول حمدوك يبرز اسم القيادي المفصول من الحزب الشيوعي حاتم سيد قطان، وبحسب مصادر متعددة فإن قطان يعد من ابرز سواعد عبدالله حمدوك وهو مشرف على الفرق الفنية الخاصة بتأمين حركة حمدوك، سيما ان الرجل عرف إبان عمله بالحزب الشيوعي بالعمل السري الخاص بتأمين الكوادر ورصد الانشطة المضادة، ولأنه كان بارزاً في عمله أثناء نشاطه بالشيوعي، تخير قطان المضي في ذات الطريق هو العمل الأمني الصارم، واشيع بعد مجيء حمدوك ان قطان واحد من الحراس الشخصيين لحمدوك الا أنه نفى ذلك في حديث نشر بـ(الانتباهة) في وقت سابق، وقال وقتها انه وشخص اخر موجودين بالقرب من حمدوك لأنه عائد للسودان حديثاً وربما لا يملك معلومات كافية للتعامل مع بعض التعقيدات واشار وقتها ان مهمته مؤقتة وسينصرف متى ما طلب حمدوك ذلك، غير ان الانباء الواردة من مجلس الوزراء تفيد بأن قطان مازال يعمل بالمجلس ومقرباً من حمدوك ويؤدي تكاليف محددة في غالبها أقرب للعمل الأمني الاحترازي، وفصل قطان من الشيوعي في2016م بمعيته الشفيع خضر، واتهم قطان وقتها السكرتير السياسي للحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب بفصله.
المهندس الخفي
الذي يلاحظ في الشخصيات المقربة من حمدوك أنها ذات انتماءات سابقة وحاضرة بالحزب الشيوعي باستثناء شخص او اثنين، من الشخصيات الموجودة بالقرب من حمدوك. بحسب مصادر متطابقة يبرز اسم المهندس مهيد صديق عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ممثلاً لتجمع القوى المدنية وعضو السكرتارية المشتركة للمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وقيل انه من مفصولي الحزب الشيوعي،وتشير التسريبات الواردة لـ(الانتباهة) انه وبمعية الشيخ خضر لهم دور بارز في تعيينات التنفيذيين وله يد وباع في ذلك، وقال مصدر مطلع ان تقييم اداء الوزراء المقالين اشرف عليه الشيخ خضر ومهيد صديق، ولم يتسنى لـ(الانتباهة) معرفة وظيفته الأساسية في مكتب حمدوك او المهام الرسمية المؤكله له.
تحالف الدفعة
ايضاً من الأسماء المقربة من حمدوك ولا تظهر للاعلام يبرز اسم رجل المال والاعمال علي جماع فضيلي وهو دفعة رئيس مجلس الوزراء حمدوك بكلية الزراعة بجامعة الخرطوم من منطقة جنوب كردفان و عمل في الامم المتحدة و كان نائباً لمدير صندوق الامم المتحدة الانمائي في العراق، وهو أحد مفصولي الحزب الشيوعي وتتسم علاقته مع حمدوك بالحميمية والاحترام، أيضاً يبرز اسم رجل الأعمال احمد ابوسن وهو أيضاً من مجايلي حمدوك في جامعة الخرطوم وعمل في برنامج الأمم المتحدة الانمائي، قليل الظهور والحديث، كان ضمن رابطة طلاب الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم في السبعينيات، هو جزء من شركة الاستشارات الاقتصادية وثيقة الصلة مع البنك الدولي.
خارج الصندوق
وربما يكون الشخص الوحيد المقرب من رئيس الوزراء ومجموعته وليس له علاقة بالحزب الشيوعي هو المهندس محمد فاروق وكان من قيادات مؤتمر الطلاب المستقلين في جامعة الخرطوم في الثمانينات ، ومن مؤسسي المؤتمر السوداني في عهده الجديد ،انسلخ مؤخراً من المؤتمر السوداني واعلن عن تأسيس التحالف السوداني ،يقول عنه مصدر انه رجل شديد العقلانية وسديد الرأي، غير ان المصدر عاد وقال إن محمد فاروق تطارده تهم بالسعي للهبوط الناعم او التسوية السياسية مع المجموعات السياسية التي اسقطتها الثورة وقال المصدر ان عقلانية محمد فاروق وسعيه لتفادي اي انزلاق يضر بالبلد جعل البعض يدمغه بالسعي للتسوية مع النظام السابق واشار المصدر ان فاروق يعد من المقربين للشفيع خضر في الفترة الأخيرة.
شباب حول الرئيس
الدائرة المقربة من حمدوك لا تخلو من الأسماء الشبابية، حيث يبرز اسم امجد فريد المتحدث السابق باسم تجمع المهنيين ،وكان فريد قد أعلن في وقت سابق أنه عين مساعداً او مستشاراً لكبير مستشاري حمدوك اي مستشاراً للشيخ الخضر، وبحسب مصادر فإن مهمة امجد فريد الإشراف على احد القطاعات الصحية، ويتهمه ناشطون بقيادة صراع ضد احد الوزراء المقالين، فريد أيضاً من الذين فُصلوا من الحزب الشيوعي في سنوات سابقة،وكذلك يبرز من اسم الشباب ايضاً معز عبدالوهاب يقول مصدر ان معز رجل حيوي وينشط في اداء مهامه بدقة عالية أيضاً من مفصولي الحزب الشيوعي.
اختفاء العرّاب
مع بداية تشكيل الحكومة الانتقالية اشيع على نطاق واسع ان الدكتور الشفيع خضر يعد من عرّابي الحكومة الانتقالية ومقرباً من حمدوك مع مرور الايام بدأ الشفيع خضر محبطاً من مآلات الوضع الحكومي القائم وقدم انتقادات مصحوبة باراء اصلاحية للوضع الحكومي، بيد ان الحكومة لم تأخذ باراء العرّاب الذي غادر للقاهرة قبل اربعة أشهر واستقر بها وبحسب مصدر فان العرّاب غادر مغاضباً بعد ان احكمت المجموعة المقربة من حمدوك قبضتها على بعض التفاصيل، حيث وجد الشفيع خضر نفسه بعيداً عن الكواليس الضيقة، مما حدا به المغادرة للقاهرة التي لم يعد منها بعد.