العين الثالثة- (مناصب ومصائب)!- ضياء الدين بلال
-١-
بمُراجعة عشوائية لأبرز عناوين الفترة الانتقالية وتغريدات رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك، ستجد فائض أخبار عن التعيينات والإقالات!
ليس كل المشاكل والأزمات يمكن أن تُحل بإقالة شخص وتعيين آخر.
ذلك التصور البدائي المتخلف المتوارث، هو ما أقعد بالممارسة السياسية وحرّف مسارها عن ما يفيد المواطنين، لمسار تحقيق مصالح السياسيين.
أليس من المدهش أن غالب ساستنا (أمس واليوم) وربما غداً، (عطالة )عن العمل؟!
ليس لهم وظائف ولا أعمال، يجعلون من السِّياسة (حكماً ومُعارضةً)، مصدر رزقهم ورافعتهم لنيل المناصب والحصول على الامتيازات!
مُعاناة المواطنين في ازدياد، والأزمات في تفاقُم، والساسة مشغولون بحجز المقاعد وتوزيع الامتيازات.
-٢-
الانشغال الزائد عن الحد المعقول بتوزيع كيكة المناصب على الراغبين والطامعين و(المُتعشِّمين)، سينتج أزمات وصراعات جديدة.
الأخبار والتسريبات تتحدّث عن صراعات مشتعلة داخل الكيانات السياسية، متعلقة بالترشيحات.
أوضح دليل على ذلك البؤس: التأخير والتأجيل المتكرر لتعيين الولاة وأعضاء المجلس التشريعي واختيار الوزراء الجُدد.
حتى قضية استراتيجية مثل تحقيق السلام التي حدّدت الوثيقة الدستورية لإنجازها مدىً زمنياً لا يتجاوز الأشهر الستة، هي الآن معلقة بسبب توزيع المناصب.
-٣-
تنازلت القوى السياسية عن دعاويها السابقة بأنها زاهدة في المناصب، واعلنت بسفورٍ فج، رغبتها في المشاركة بالسلطة!
لم نعد نسمع حديثاً عن اختيار الكفاءات ولا عن الزهد في المناصب ومقولات: (التعيين تكليف وليس تشريفاً).
زالت كل مساحيق التجميل ووضحت الصورة وسقط القناع ،وبان للعيان ما كان مخبوءاً في تلافيف الادعاء والمزاعم.
وما صفرية الحصاد التي تحدث عنها صلاح مناع إلا نتاج طبيعي ومنطقي لاستمرار ذلك السلوك السياسي الانتهازي الذميم.
-٤-
مَن سمع منكم بحزب قدم رؤية لحل أزمة ما؟!
مَن سمع منكم بحزب دعا عضويته للمشاركة في أي نشاط خدمي يُصب في مصلحة المُواطنين؟!
باستثناء حزب المؤتمر السوداني – على قلة مجهوده – لم نجد من أحزابنا مَن ساهم بالتوعية أو النشاط العملي في مشروع مواجهة فيروس كورونا!
مرد ذلك: أحزابنا مُصممة لا على خدمة الجماهير، ولكن على تنمية مهارات عضويتها على صيد الغنائم!
-٥-
طريقة اختيار الوزراء والولاة في كل العهود، هي التي تحرمنا من النجاحات الكبيرة والإنجازات المُفرحة.
سيُصابُ الشعبُ بمزيدٍ من الإحباط، إذا واصل حمدوك وقوى التغيير في نهج الترضيات والمحاصصات، المفضية لصفرية النتائج.
فكان اختيار من يرغبون في الوزارة والولاية، لحل مشكلاتهم الخاصة على حساب المصلحة العام.
-أخيراً-
البلاد في حاجةٍ مُلحَّة لوزراء وولاة، لهم الكفاءة والتجرد، والمقدرة على إيجاد حلول ذكية ومُبتكرة، لأزمات مُزمنة ومُعقّدة.
لا وزراء جاءوا إلى المواقع بروافع الجهة أو القبلية أو التنظيم السياسي أو على أسنَّة السلاح.
وزراء غفلة، كُلُّ مؤهلاتهم ربطةُ عنقٍ عُقِدَتْ على عجلٍ ، وحذاء لامع، ومحفوظات بالية محرضة على الملل !