somiasayed@gmail.com
الحديث عن تجاوزات تظهر من الحين إلى الآخر بالبنك الزراعي ليس بجديد.. استعرضت الصحف كثير من القضايا فيما يختص بالمخالفات في العطاءات وتجاوز لوائح الشراء والتعاقد منذ سنوات طويلة، ولم يتغير الحال بتغير النظام الحاكم .
القصة التي ساحكيها الآن على لسان مجموعة من المزارعين تختلف عن أشكال التجاوزات المعروفة في العطاءات.
أحد المتعاملين مع البنك الزراعي يقوم باستيراد السماد لصالح البنك، وهذا أمر عادي إذا تم من خلال اللوائح.لكن غير العادي أن نفس الشخص التاجر، يتحول إلى مزارع، ويقوم البنك بمنحه تمويلاً لشراء السماد الذي جلبه هو للبنك .. التاجر الشاطر يبيع المدخلات للبنك بالعملة الصعبة، ويتحصل على التمويل بالعملة المحلية وبالآجل !
قصة التاجر الشاطر لم تنته هنا.
المزارعون الذين تحدثوا معي قالوا إن البنك الزراعي منحهم 10 جوالات من السماد، فيما منح التاجر الشاطر 50 جوالاً لنفس المساحة المزروعة .
على وزارة المالية أن تفتح تحقيقاً في هذه القضية التي تمثل حالة فساد ظاهر ..لابد من كشف المتورطين من الموظفين بالبنك الزراعي القضارف، وكيفية حصول شخص ما على عطاء استيراد المدخلات الزراعية، ثم تمويله من نفس المدخلات التي جلبها هو.
هل القانون يسمح بمثل هذه الممارسات؟، أم أن الموضوع يخضع لقانون العلاقات الشخصية والمنافع المتبادلة في الفساد الذي لم يتوقف حتى الآن.
قبل أيام اضطرت وزارة المالية أن توقف البنك الزراعي من مواصلة إجراءات التعاقد المباشر لجلب سماد اليوريا والداب، بعد أن انكشف الغطاء وأصبحت عملية تجاوز البنك لإجراءات الشراء والتعاقد قضية رأي عام، برغم محاولات البنك خلق المبررات للتعاقد المباشر.
قضايا التمويل والمدخلات ظلت من أكثر المشكلات التي يعاني منها القطاع الزراعي، وعلى ضعف نسب التمويل التي يمنحها البنك الزراعي للمنتجين، تظهر أيضاً تجاوزات تقود في كثير من الأحيان إلى تسريب كميات كبيرة من المدخلات إلى السوق، و يضطر المزارع للشراء من السوق الأسود.
انتهى عهد التخويف وزرع الصراعات السياسية بين المنتجين..المزارع الآن يستطيع أن يجاهر برفض عمليات التمييز التي كانت تتم في السابق، لذلك على الحكومة أن تعي تماماً أنها تتعامل مع منتجين يدركون حقوقهم ومستعدون لتصعيد قضاياهم لأعلى المستويات.
على الحكومة أن تلتفت إلى أهمية تنظيف المؤسسات المتعاملة مع قطاعات الإنتاج الحقيقي من الموظفين المتلاعبين باللوائح والقوانين .. وللأسف الحرب على هذه المجموعات ليست بالسهلة ..لأنها مجموعات ظلت تقاوم عمليات الإصلاح في المؤسسات الاقتصادية، ولا زالت تسيطر على مفاصل هذه المؤسسات.