الضب زاحف خلوى يشبه الوزق ألذى يقتات على الحشرات فى المنازل لكن الضب كبير الحجم ويعيش فى الفلوات. لا يقتصر الشبه بين الضب والوزق على الشكل. فالضب مثل الوزق يسكن مكانا ضيقا جدا. ولذلك يسمى كل موقف ضيق بالمأزق والمأزق هو بيت الوزق. وكذلك جحر الضب ضيق خرب لا يدخله الداخل إلا إنحشارا، والخروج منه أشد صعوبة، لأن الخروج لا يكون الإ بالسير من خلاف. وهو جحر متعرج وضيق وخرب. وقد لا يتذكر كثير من الناس كيف كان الدخول إلى جحر الضب الإقتصادى ولكن الجميع يعرفون كيف ومتى كان التوغل والإنحشار إلى متاهته المحيرة .ولئن كان الدخول جرى كما يعرف العارفون لكنما التأمل فى الخروج.
ولا شك إن الوضع الأقتصادى فى السودان قبل ابريل ٢٠١٩ كان فى وضع الأزمة، وهى ذات الأزمة ألتى كانت هى العامل الرئيس وراء قناعة خصوم الإنقاذ إن أوان إقتلاع جذورها العميقة فى تربة السلطة قد أزف، وقناعة من كان يتحزب لها ويواليها أن أوان الطمع فى إنقاذ ما يمكن إنقاذه منها قد فات. ولا شك أنه كانت هنالك عوامل أخرى حتمت التغيير أو تسارعت به أو رعت ومولت ورغبت وراقبت.
بيد أن العامل الإقتصادى كان هو العامل الرئيس متمثلا فى إختلال الميزان الخارجي وتفاقم الدين الداخلي والتدهور المتسارع لسعر العملة الوطنية والتفاقم المتواصل لنسبة التضخم فى الإقتصاد. وكان كثيرون منوا أنفسهم بزوال الأثر السالب على الإقتصاد بزوال المؤثر. والمؤثر فى فهمهم هو حكومة الرئيس البشير ألتى فقدت الكثير من أرصدتها من التأييد الداخلي وفقدت المساندة الأقليمية و القبول الدولى وهؤلاء حدثتهم أنفسهم بالسيناريو الوردى، وهو إن أمريكا سوف تسارع برفع إسم السودان من قائمة الارهاب فى أول شهر للحكومة الجديدة ألتى كان القائم بالأعمال الامريكي أحد (دايات) قابلات توليدها فى بيت رجل الأعمال المعروف وبخاصة وقد سارعت الحكومة بالإستجابة لجميع الإشتراطات ألتى ظلت الحكومة السابقة تتفاوض عليها شهورا عددا وهى إشتراطات توافق إن لم تكن تتماهى مع إتجاهات ومرادات المجموعة السياسية (القحتية) الحاكمة ، والتى ظلت تتلقى منذ سنوات عديدة ملايين من الدولارات من مايسمى بالوقف الديموقراطى عبر منظماتها ومنظوماتها للتبشير بذات المطلوبات. وكان مفهوما من التفاهمات أن الاقليم سيدعم بما يقل عن خمسة مليار دولار على مدى العامين الأولين من الحكم الإنتقالى. وكانت اوربا تعد بدعم المشروعات التنموية من خلال شراكة استثمارية يمولها بنك الإستثمار الأروبى. وكان كثيرون يصدقون الدعايات بحقيقة وجود مليارات نهبها الإنقاذيون المتمكنون وبأمكانية استعادة أقدار مقدرة منها. وكان يزعم إن البلاد غنية بمواردها وأن أزمة الإقتصاد هى أزمة حوكمة وحسن تدبير. وآن الكفاءات ألتى سوف تجد أياديها الطريق لمقود القيادة سوف تجترح المعجزات فى وقت قياسى، ذلك مع بيئة أقليمية ودولية مؤاتية ومساندة. فما الذى جرى ليكون المشهد بعد سنة واحدة من أبريل ٢٠١٩ هو ما ترى وأرى ويرى كل من يرى بعين بلا غشاوةمن حال لا يسر الصديق وقد لا يسر الغريم وذلك من صورة إتساع الإختلال فى الميزان الخارجي أضعافا مضاعفة وارتفاع فى التضخم إلى ثلاثة أرقام وتضاعف سعر صرف الدولار ثلاثة اضعاف واتساع عجز الميزانية إلى ثقب أسود قد يبتلعها بالكامل وقد يبتلع الإقتصاد بأسره؟وقد يسأل السائل ماهو موقف رفع إسم السودان من قائمة الارهاب وأثر تأخر الرفع على رجاءات الدعم من أوربا عبر الشراكة وأثر تأخر الدعم من البنك و الصندوق الدوليين عبر برنامج إعادة التأهيل بسبب القائمة اللعينة؟ و ماذا عن الدعم الخليجي لماذا تقلص الوعد من عشرة إلى خمسة ثم إلى ثلاثة على مدى عامين ثم إلى ما تحدث عنه السيد نائب رئيس مجلس السيادة ورئيس لجنة الطؤارى الإقتصادية فى آخر لقاءته المتلفزة. ما أومأت إليه إكتتابات الخليج المثيرة للإستغراب فى مؤتمر برلين ؟ وما هى حقيقة مليارات رموز الإنقاذ وموقف إستنقاذها فى واقع الحال ومتوقعه، بعيدا عن( الطلس) المشهر المتلفز. وما هى حقيقة تقديرات الموازنة المجازة (وهل هى بالفعل مجازة؟) ومما لا شك فيه فهي متحفظ عليها من الحاضنة السياسية لحين انعقاد المؤتمر الإقتصادى ، وهو المحفل غير المعلوم الأجل. وما هى حقيقة عجز الميزانية؟ وحقيقة تقلص الإيرادات العامة فى النصف الأول من العام٢٠٢٠ إلى نصف المحقق منها فى نصف العام المنصرم٢٠١٩؟ وما مالآت المجازفة الكبرى بمضاعفة الرواتب فى القطاع العام ؟وما هى إمكانية الإلتزام بإنفاذها وتعميمها على سائر القطاع العمومي؟ وما إمكانية تحقق ذلك على مدار العام مع الإلتزام بعلاوات الأعياد و العلاوات الأخرى؟ وما مدى تأثير هذا الإلتزام إن تحقق وآثاره المتوقعة على عجز الميزانية؟ومدى تأثير عجز الميزانية على تسارع أنساق التضخم وسعر صرف الدولار؟ وما هى تكلفة إلتزامات السلام لو تحقق على واقع الحال السياسي ؟ وأثر إنفاذ إلتزامات السلام المالية والإقتصادية على الحال الإقتصادي ؟وماهى قدرة الحكومة على الإستجابة فى ظل هذه الظروف لإشتراطات برلين من تعويم الدولار وإنجاز الرفع الكامل للدعم للسلع؟ وما هي واقعية المجازفة بإغضاب (المرفعين) بوضع كل مؤسسات الدولة الإقتصادية تحت إبط المكون المدنى فى شراكة الألداء القائمة بين المكونين العسكري والمدني في أغرب حكومة شراكة يشهدها هذا البلد ألذى لا تفنى عجائبه ولا مصائبه… قد نواصل ونحاول تجشم الإجابات على السؤالات إن أعطينا المهلة والقدرة و الرغبة والله غالب على أمره فى كل حال.