همس الحروف _ هل من أجل ذلك فاضت أرواح شهدائنا _ الباقر عبد القيوم علي
(الجوع كافر) وهذه المقولة يرددها كثير من الناس و يقصد بها أن الجوع الشديد يغيب العقل ويورد الناس المهالك و موارد العصيان التي تعمي البصر و البصيرة .. ويشوش على العقل الواعي ، ويثير الأفكار الفاسدة والخيالات الباطلة فإنه بئس الضجيع
حينما دوت صرخة طفل عطبرة و كان سبهها الجوع . و وقتها كان جائعاً يبحث عن خبزة و لم يتحصل عليها .. فإستجاب له عموم الشعب السوداني لتلك الصرخة التي صرخ معه الشباب بصوت واحد و كان نتاج ذلك إعلان ثورة شعبية هادرة كانت نابعة من تردي الحالة الإقتصادية التي عانى منها عموم السودانيين.. فكان هتاف الشارع وقتها (حكومة الجوع تسقط بس) فإقتلعت هذه الثورة بهذا الهتاف نظام الإنقاذ الذي جسم على صدور هذا الشعب المكلوم والمحروم 30 عاماً
إنتظر الناس بعد الثورة أن تتحسن ظروف معاشهم وأن يعيش الناس حياة مخملية كما كانت وعود النخب وقتها لعوام الشباب في ساحة الإعتصام و كان الناس يتأملون أن يعم الرخاء و لكن الغلاء الفاحش والتصخم و سوء التدبير وحالة السيولة الأمنية قد قادت الناس إلى مسالك العوز و الفقر وخصوصاً بعد الجائحة التي زادت الطين بلة و بعدها كان الحظر الذي أكمل سوء ظروف الناس .. فأدى ذلك إلى نتائج كانت غير متوقعة ولم تكن في الحسبان
لم تكن هذه الثورة المجيدة من أجل إزاحة القوانين التي كانت تقيد الحريات الشخصية وكما لم تكن من أجل حاجة الناس إلى الخمر أو تعديل قانون الدعارة الذي كان يفسر علي نطاق واسع ويأخذ الناس بالشبهة أو من أجل تضيق قوانين النظام العام عليها
بكل أسف كنا نتوقع أن تكون هنالك قرارات حاسمة من الحكومة عبر الآلية الإقتصادية لحلول إشكالات معاش الناس و فك ضائقة الشعب الإقتصادية من الخبز و المحروقات والمواصلات والكهرباء .. لكن و كما عودتنا هذه الحكومة دائماً أن تفاجئنا بما لم يكن في حسباننا .. فإذا بها تجيز مسودة تعديل القانون الجنائي 2020 التي صاغها وزير العدل وأهم ما ورد في هذا التعديل هو إجازة صناعة الخمور و بيعها ومعاقرتها وذلك للأقليات الغير مسلمة من هذا الشعب ولكن ما سوف يشجع بعض شباب المسلمين المغامرين الذين تستهويهم التجارب و المغامرات إلى معاقرتها و بكل يسر وبدون أن ينظر إليهم القانون بنظرة الجريمة و ذلك لأن ذات التعديل قد ألغى قانون الردة فيمكن أن يغير الشباب دين الإسلام تقية إذا ما تم إعتراضهم أو مداهمتهم في أي لحظة من أي جهة كانت .. ولا أحد من منفذي هذا القانون يستطيع أن يتحدث مع أحد منهم وذلك لأن حرية المعتقدات التي أجازها ذات القانون تمنع ذلك
إلغاء حد الردة وتعطيله سوف يفتح الباب على مصرعيه أمام الملل الباطلة والتي يخالف بعضها الفطرة من عبدة الشيطان و عبدة الأعضاء البشرية الحساسة في ممارسة شعائرهم بدون تحفظ وتحت حماية سلطة القانون وخصوصاً أن بعض الشباب يبحث عن مزيد من الحريات العقدية و خصوصاً التي تختلط مع إشباع الغرائز و يكون ذلك بدون قيود
وكما أن هذا التعديل أباح بث وتداول وانتاج المواد التي يمكن أن تفسر بالفاضحة أو التي كانت تعتبر وفق العادات والتقاليد مخلة بالآداب العامة بمخالفتها للموروثات السودانية الأصيلة إذا ما تم تفسير تلك الأفعال أنها ذات قيمة أدبية أو فنية أو ثقافية أو تراثية !
أرجو من مجلسي السيادة والورزاء إعادة قراءة هذه القوانين الجديدة بصورة متأنية بعيداً عن المؤثرات الخارجية وتحكيم صوت العقل في مآلات هذا القانون الذي سوف يعطي مزيداً من الحريات لأبنائنا الذين يمكن أن يتعدوا بها على حريات الآخرين .. وكما يمكن لهم الدخول في صناعة وتجارة و معاقرة الخمور و التي يمكن أن يغير لها بعض الشباب المغامر دينهم تقية وفق ما اباحه لهم القانون بتعطيل العمل بحد الردة … وكما أباح لهم حرية التعبد التي يمكن أن تسمح بممارسة عبادة الأعضاء الجسدية وهذه هي أحد الشرع الموجودة و التي يتلذذ بممارسة طقوسها بعض الشباب كطقوس دينية .. والتى تنافي مع عاداتنا وتقاليدنا و ثوابت موروثاتنا الدينية و الاجتماعية .. والله المستعان