اذا عرف السبب _ إقالة أكرم _ أسامة عبد الماجد
كتبت في هذة الزاوية بتاريخ 13 مايو الماضي تحت عنوان (حمدوك .. كيف الصحة ؟).. طالبنا رئيس الوزراء باقالة وزير الصحة د. اكرم .. بمناسبة اطاحة الاخير، نعيد نشر الزاوية
فلنكن واضحين ،لا أعتقد أنه من المناسب عند الحديث عن الواقع الصحي ، مخاطبة الوزير د. أكرم التوم .. فالوضع تجاوز قدراته وامكاناته بكثير.. وقد استعصى عليه ادارة الملف.. حيث تولدت لديه قدرة فائقة على عدم الاكتراث.. ولذلك كان صائبا التوافق على اقالته.
لا أحد طالب وزير الصحة بأن يعمل فوق طاقته .. الجميع يعلم حجم امكانات الدولة.. لكن على الأقل كان علي أكرم أن يحدد الاولويات.. ويتعامل وفق المعطيات.
بدلا عن الهتافية .. والتحدث بلغة (الناشط) لا (الطبيب) .. حصر كل مهمته في فايروس كورونا .. ومع ذلك لم يتعامل مع الجائحة كطبيب.. وكرجل تنفيذي.. حيث لم يتمكن من تحديد ماهو هام وماهو غير هام.
تذكرون عندما استسهل أكرم الأمر .. وأطلق تصريحه (غير المسؤول) .. (قدرنا على عمر البشير تغلبنا الكورونا الصغيرة دي) .. وللأسف صدقت قلة ذلك التصريح الغريب
أنها ليست مشكلة أكرم وحده .. الغالبية العظمى من وزراء الحكومة تبحث عقولهم تلقائيا عن وسيلة يقحمون بها النظام السابق وقياداته في تصريحاتهم.
لم ينجح السودان مثل كثير من دول العالم في أن يكون بمأمن من الفايروس .. وفوق ذلك خسائر اقتصادية فادحة .. ستظهر أثارها خلال المرحلة المقبلة.. لكن دعوا كورونا. جانبا.
الموقف الصحي ينذر بكارثة قادمة .. شيئا فشيئا باتت الخدمة الطبية تنعدم في المستشفيات حتى الخاصة منها.. والوزارة لا تحرك ساكنا.
كل يوم في (قروبات)، (واتس آب) ينعي عضو بمجموعة أحد افراد الأسرة .. ويبكي بحرقة جراء عدم عثورهم على سرير للفقيد بالعناية المكثفة.
لايدرك أكرم أن المواطن تحاصره حزمة من الامراض ليس كورونا وحدها .. أصحاب الامراض المزمنة يعانون جراء انعدام الخدمة والرعاية والنقص الحاد في الادوية.
أدخل أكرم الوضع الصحي العناية المكثفة .. ضعفت عضلات قلب الحكومة .. تأثر نبضها وبشكل كبير .. رغم حالة التفاؤل التي كانت تعم الشارع.
من القرارات الخاطئة والتي اقعدت بالوزارة ، اعادة أكرم عشرة مستشفيات ولائية للوزارة الاتحادية.. لاغيا قرار سابق ضم هذه المشافي الى ولاية الخرطوم، العام 2011.
وهو القرار الذي دفع مدير عام الصحة بالولاية أسامة احمد ، للاستقاله.. ويعلم الجميع – عدا اكرم- أن الوزارة الاتحادية مسؤولة عن التخطيط والإشراف وأيلولة المستشفيات.
كاد أكرم ان يفجر أزمة بين المركز وحكومة الخرطوم عقب اقالته مدير عام صحة الاخيرة د. بابكر محمد علي .. لان ذلك ليس من صلاحياته.
أضطر رئيس الوزراء للتدخل بطريقة مخلة ومنح أكرم صلاحيات التدخل في الولايات.. واليوم تواصلت حالة القلق لديه باعفائه مدير عام الصحة بالخرطوم د. الفاتح عثمان .. هذا بخلاف تجاوزاته في التعيينات بالوزارة.
أن المستشفيات العامة تعيش أوضاعا قاسية .. مستشفى الذرة للاورام مثالا يعاني الاهمال .. مرضى السرطان لانصير لهم .. المستشفيات تفتقر لابسط المقومات التي تعين على تقديم خدمة عادية للمواطن.
أما الاستقالة التي تقدم بها مسؤولين رفيعين بوزارة الصحة هي الأخري كشفت عن جانب أخر من التدهور الاداري .. كان الاولى ان يطالب المدراء باعفاء الوزير لا أن يستقيلوا.. فالوزارة تحتاج الي (فنيين) لا (ناشطين) .. والي كوادر (فاعلة) لا (هائجة).
الامر مرفوع لحمدوك .. فليس هناك من سبب يجعله يحجم عن التفكير في التدخل.
آخر لحظة الصادرة اليوم الجمعة 10يوليو 2020