الإستجابة السريعة من رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك لمطالب الشارع والثورة اكدت أن رئيس الحكومة يحترم شعبه وقبلها يحترم نفسه وكلمته فالرجل قال انه في فترة محددة سيصدر قرارات حاسمة خلال إسبوعين ، اولها كان التعديل في مؤسسة الشرطة وتنفيذ أول مطلب باعفاء مدير الشرطة ومن معه من قيادات ، لأسباب كثيرة ذكرناها ويعرفها الذين طالبوا بإقالته وكثير من عامة الشعب السوداني ، وإستقالة الوزراء ايضاً هو أدب يستحقون عليه الشكر لأن الاستقالة في حد ذاتها تعني ان وزراء حكومة المدنية لايتشبثون بالمناصب فمثلما قدمهم الشارع بكل تجرد وشفافية للمناصب واستجابوا بعد ادركوا اخطائهم وعلموا انهم لم يحققوا مطالب الثورة استشعروا ايضا رفض الشارع لسياساتهم في التعامل مع القضايا الآنية الملحة ، وفشل بعضهم في ادارة شؤون الوزارات فاستجابوا من جديد للشارع بأدب التنحي.
والمهم انهم ذهبوا بسجل ( نظيف ) فالإخفاق والتعثر ليس عيباً لاسيما ذلك المرتبط بهذه الظروف التي نعيشها فهو امر لايستحي منه وزراء الحكومة لانه إخفاق له اسباب كثيرة ترتبط بعوامل جوهرية تعاني منها البلاد وستعاني منها في ايام قادمات لان مشاكلنا الاقتصادية والصحية والمالية ربما لاتكمن حلولها في الأشخاص ولكن لطالما ان التغيير هو شعار ثورة رفعته وظلت ترفعه وتطالب به حتى الثلاثين من يونيو لذلك اصبح واجب لامناص منه وربما يأتي الوزراء الجدد برؤية تكذب توقعاتنا ويرفعوا عنا بعض مانعانيه ان لم يكن كله ولكنه طريق صعب وشائك يستحق جهد مشترك لكل اركان الدولة ويرتبط بقضايا داخلية وخارجية لها ابعادها وقراءاتها.
ولأن ماحدث في مجلس الوزراء هو بتوقيع ثوري خالص جاءت كلمة رئيس الوزراء عقب عملية الإعفاء وقبول الاستقالات واضحة ومباشرة من قلبه الى الثوار مباشرة ( إن الأمانة التي حمَّلها الشعب لحكومة الفترة الانتقالية، تلزمنا بالاستماع والإنصات إلى صوت الشارع ومطالب الثوار، وأن نفكر ونتفاكر، ثم نمضي بخُطى مُوحَّدة نحو أفضل السبل لتحقيقها وإنزالها على أرض الواقع من أجل تنفيذ شعار الثورة الباسل “حرية، سلام وعدالة”، معربا عن شكره وتقديره للوزراء الذين تصدوا لمسئولية كبيرة، ودوَّنوا أسمائهم على صفحات التاريخ نماذجاً للهمة والتفاني وعفة اليد واللسان، بعد أن لعبوا أدواراً مهمة وكبيرة في محاولة لإصلاح تركة الفساد وسوء الإدارة التي خلفها النظام المخلوع).وهذه هي اللغة تؤكد ان حبال الوصل والتفاهم والتناغم والثقة ممدودة بين حمدوك وشعبه جسوراً ستظل هكذا الى ان تعبر السفينة التي أكد الثوار انهم ربانها ( تَجْرِي الرِّيَاحُ كَمَا تَجْرِي سَفِينَتُنهم همُ الرِّيَاحُ وَهم ُالْبَحْرُ وَالسُّفُنُ).
وواهم من يحتفل بذهاب الوزراء بعيداً عن منصة الثورة لأن الاستجابة من حمدوك لم تأت لإرضاء هؤلاء الذين بح صوتهم لشهور كثيرة تدفعهم ( الغبينة ) والمعارك الشخصية رسموا كل الخطط وبثوا روح الكراهية حبكوا الشائعات ونشروا كل ماهو قبيح ليس لان الوزراء فشلوا في مهاهم ولكن لأن امانيهم الحقيقية هي ( ان يذهب حمدوك وحكومته ) ولكن كل أساليبهم لم تؤتي أُكلها الا بعد ان قال الشارع كلمته جاءت الاستجابة ( فالشارع يأمر وحمدوك يستجيب لصوت الثورة ليجدد عبارة لاتستطيع الفلول ( بلعها ) وتصيبهم بالدوار والغثيان وربما (الانتباذ البطيني)
( شكراً حمدوك )
لذلك تبقى هنالك إنتباهة ونقطة نظام لابد أن يدركها رئيس الوزراء وهي الرغبة الثورية الأكيدة في حكومة كفاءات فعلية ذات إستشعار فعلى بالهم العام والبُعد عن المحاصصات الحزبية التي لن تُصيب الهدف والمرمي لطالما كان هدف الثورة والثوار (محمد أحمد) الذي يمشي على (عُكازتين) وثلاثة عيون غير مُبصرة فهلا إستشعرنا المسئولية الإجتماعية وأبصرنا بعين الوعي والضمير؟
وحتى نوقِدُ شمعة ونرسم ملامح المستقبل الزاهر بطاقم وزاري من العيار الثقيل لابد من خطوات تنظيم وتقييم ما إنتهت عليه التجربة من عُمر الفترة الإنتقالية حتى يومنا هذا ووضع خطط إستراتيجية وبرامج طموحة تستطيع أن تُغير وتُضفي صِبغة من حياة على وجه البلاد واقتصادها الشاحب والمواطن الذي عانى شُحوباً وثِقلا أكثر .. ولن يتأتى ذلك إلا عبر فرقة وزارية تختار بعناية فائقة ، تتدارك الأخطاء التي ارتكبت ، وتُمعن في القضايا المهمة بنظرة أعمق لواقع لايحتمل مزيداً من التلكوء … الوقت للعمل .
طيف أخير :
غيرنا مين يحرث ارضنا يبني ويعمر بلدنا
صحفية الجريدة