همس الحروف _ (تفكيك الشرطة .. إنتحار أم قتل) _ الباقر عبد القيوم علي
الشرطة السودانية تعيش هذه الأيام في أسوأ حالتها النفسية وذلك يرجع إلى سرعة إستجابة الأجهزة القيادية للدولة إلى عنصر الإشاعة الغير مؤسس تجاه قيادات الشرطة و الذي ينشأ من ردود الأفعال وفق المزاح العام إعتماداً على درجة فهم بعض العوام وتقديراتهم العاطفية و التي تتكون نتيجة بعض المواقف الشخصية و التي ليس لها علاقة بالواقع أو بالأداء العام لهذه القيادات و أغلب تلك الهواجس يرددها العوام وبعض أصحاب الأفكار المأدلجة أو التي توصف بالغريبة و يعتبر أغلبها نشاز وفيما بعد تنتشر عبر الوسائط ويتم التعامل معها بأنها حقائق
طيلة الفترة السابقة والشرطة تحبس أنفاسها و تنتظر و هي كعادتها في ضبط اعصابها فيما يشاع عنها من بعض العوام و نسب ما لا يجب أن ينسب إليها وبحجج واهية الغرض منه الوصول إلى ما وراء الفهم الذي قد لا يدركه الإنسان البسيط .. فإذا تساهلت في الضبط العام مع الذين تعدوا الحدود الشخصية في بعض الإمور التي كان يجب حسمها بالقوة وتعاملت بروح توصيل الوعي العام لرفع مستوى الحس الأمني للموطن لخرج بعض الناس ضدها و إذا تعاملت معهم بالحسم المطلوب وفق ما يقره القانون ثاروا ضدها .. فإذن ماذا تفعل الشرطة حتى يكون مرضياً عنها
لأول مرة في تاريخ الشرطة السودانية يتعاقب على إدارتها خلال عام واحد أكثر من أربعة مدراء ويرجع ذلك لإنعدام الثقة بينها و بين المزيج الأيدلوجي للحاضنة السياسية التي تتحكم في المشهد السياسي الذي يقود الدولة .. فنجد التخبط كان و ما زال يسيطر علي الموقف حيث تم تعيين مدرين و تم إعفاءهما خلال شهر واحد مع كامل هيئة القيادة للشرطة وهم فى أعلى قمم عطائهم و كفاءتهم
الإنقاذ حكمت السودان ثلاثون عاماً من الزمان وكان لابد للناس الذين عاصروا هذه الحقبة التاريخية أن يتعايشوا مع الواقع بخيره و بشره ، فكل الأجيال التي كانت فئتها العمرية ما دون السبعين وحتى الخمس وعشرون عاماً و سنحت لهم الفرصة بأن يكونوا من ضمن طاقم الدولة الوظيفي فذلك لايعني بالضرورة أن يكونوا مأدلجين بنفس أيدلوجية النظام الذي يحكم البلاد .. فالسؤال الذي يجب أن يجد له الجميع إجابة شافية : هل إذا قيض الله لبعض الناس فرصة العمل ضمن الحقبة الإنقاذية كان يجب عليهم أن يتعففوا عن العمل بسبب خوفهم من المستقبل إذا تبدل النظام بغيره من الذين يؤمنون بعكس ما يؤمن به نظام الإنقاذ ؟
مؤسسة الشرطة و التي ينوط بها حفظ الأمن الداخلي و تقنين حقوق المواطنة وتنظيم المعاملات تحت مظلة قوانين وزارة الداخلية بترتيب وتقنين وتنظيم دولاب الخدمة الذي يقدم الخدمات عبر هيئات وإدارات الشرطة و ذلك بتقديم خدماتها التي تنظم حقوق المواطنين عن طريق السجل المدني الذي يحفظ بيانات المواطنين من الولادة وإلى الوفاة وحفظ السلام من خلال مراقبة العامة ومراقبة مخالفي القانون و منع حدوث الجريمة و تقنين المركبات و سيرها ، و كذلك مساهمتها في الدخل القومي عبر الرسوم المتحصلة بواسطة الجمارك و نظير الخدمات التي تقدمها
الذين ينادون بهيكلة الشرطة يجب عليهم أن يوضحوا الآلية التي تكون عبرها الهيكلة.. و كما يجب أن يوضحوا المعايير التي تنظم فكرتهم لاداء ذلك وفق الثوابت والقانون .. و يجب الا تقوم على الظن والإستنتاج والحب والكراهية حسب الأمزجة التي تتغير مع ظروف الحياة و العاطفَة التي تتشكل بسخونة المواقف
الهيكلة يجب أن تكون بالإصلاح وليس بالإحالة إلى الصالح العام وذلك بسن القوانين التي تحدد الإطار العام وفق المهنية التي تقوم على الإستقلالية والحيادية و الشفافية والعدالة التي تحفظ حقوق منسوبيها عبر عطائهم وليس إنتمائهم عن طريق التنافس الحر الذي يقوم على الأداء الجيد بمهنية عالية .. وحينما يكون الإطار جاهزاً ومبني على تلك القيم والقانون فإن المؤسسة لن تتتأثر بعقيدة من يجلس داخل إطارها لأن المعيار هنا يعتمد على الأداء والإلتزام بالقانون*
القتل العمد الذي طال الشرطة السودانية بحجة الهيكلة سوف يؤثر سلباً على أدائها وذلك يرجع إلى خروج أميز الكفاءات من ضابطها من رتبة الفريق الى الملازم دون أسباب منطقية و إذ يعتبر أن هؤلاء ثروة قومية غالية كان يجب الحفاظ عليها بعدم التفريط فيها لأن تأهيل هؤلاء الضباط كان خصماَ من الخزينة العامة التي ساهم فيها جميع أفراد هذا الشعب
نفس الأسباب التى تمت بها إحالة المدير العام و التي كانت مبنية على المزاج العام تعتبر تهمة جاهزة لمن يخلفه وسوف يأتى دورها قريباً .. وحتى إذا تم الإبدال والإحلال أو عدمه لن يؤثر ذلك كثيراً لأن المزاج العام للعوام هو الذي يحدد هذه المسببات و التي معظمها يكون مبنياً على الظن و القياس الذي يخلو من أدوات القياس
على الدولة حزم أمرها بالترفع عن مجارات الرأي العام الذي تتحكم فيه الإشاعة و التي تكون رأيها عن طريق ردود الأفعال في بعض المواقف نتيجة العواطف في المسيرات أو المظاهرات أو غيرها أو عن طريق الظن بالسؤال المعلوم بالضرورة (كيف وصل إلى رتبة فريق إن لم يكن من أنصار الإنقاذ) والتي سوف تتسبب في قطع أرزاق الكثيرين ويكون ذلك بدون هدف منشود و سوف يكون سخطاً مضاداً ضد الحكومة وكما يجب الإستفادة من أخطاء الإنقاذ الكارثية في إحالة العسكريين الذين قويت شوكة التمرد بهم عندما تم إخراجهم من الخدمة في كشوفات الصالح العام وإنضمامهم في صفوف الحركات المسلحة التي إستفادت من توفير التدريب والتأهيل بضمها لقيادات وأفراد جاهزين من حيث التجهيز والتأهيل و يمتلكون عقيدة قتالية عالية ولديهم غبينة قوية