لم أقف كثيرا في ما تم تداوله حول موضوع ابن ابراهيم الشيخ ،وان كان يملك مستندات شراء تنكر الجازولين ام انه نوع من التلاعب بالسلع الاستراتيجية كما جاء في بيان المباحث ( الفدرالية ) .
ولم يشغلني أن كان الأمر استهداف مقصود وعملية مخطط لها ضد ابراهيم الشيخ وحزب المؤتمر السوداني ،الغرض منها تشويه الصورة في إطار الصراعات داخل التيارات المكونة لقوى الحرية والتغيير.في اعتقادي الموضوع اكبر وأخطر من كل ذلك ..جزء من الانهيار الاقتصادي الذي يضرب البلاد الآن..وجزء من ضعف هيبة الدولة التي سمحت بالفوضى في كل شيئ حتى السلع الاستراتيجية الكبرى.عمرنا كله نسمع ببيع البنزين والجازولين في السوق الأسود. .جالون ،اثنين،عشرة ،برميل مثلا..لكن لم نسمع بتناكر مليئة بالمحروقات تباع داخل الأحياء. ولم نسمع بالسماح لتجار أفراد يستوردون بواخر أو تناكر لبيعها لصغار المستهلكين بسعر السوق الأسود، وداخل الأحياء السكنية.
اقراوا معي هذه الأخبار التي نشرت في يوم واحد .شرطة ولاية البحر الأحمر تضبط 200 برميل بنزين بمنطقة هيا قادمة من أقصى الشمال ،محلية ابو حمد ..شرطة ولاية الخرطوم تضبط 36 الف لتر جازولين قبالة سباق الخيل، يباع البرميل بمبلغ 17 الف جنيه ،وقالت الشرطة إن الكميات المضبوطة عبارة عن تلاعب في حصة بعض الجهات.
شرطة شرق النيل تضبط كميات من الوقود تباع في السوق السوداء
المباحث المركزية تضبط أربعون الف وخمسمائة لتر بضاحية بري.فوضى المواد البترولية في السودان تجاوزت مرحلة التهريب من ولاية إلى أخرى، أو من داخل البلاد إلى دول الجوار ،لتصل مرحلة الاستيراد بكميات كبيرة منافسة للكميات المستوردة بواسطة الدولة.
تجارة المواد البترولية نافست تجارة الدولار بل تفوقت عليها..فإذا كان تجار العملة يختبئون من أعين الأجهزة الأمنية. فإن تجار المحروقات يعرضون بضاعتهم داخل الأحياء ويقدمون المستندات التي تثبت أن ما لديهم تجارة حرة بعلم وموافقة وتشجيع الحكومة .
إذن على مضاربي الدولار التحول فورا إلى المحروقات..فهى تجارة أكثر امان وأكثر ربح ولا تعرضهم لأي مساءلة قانونية ،هذا إذا لم تشيد بهم وزارة الطاقة على ما يقومون به من تخفيف على الحكومة.
كنا نعلم أن فتح باب استيراد المحروقات للقطاع الخاص ليس (مطلوق ) ..فهو مقنن بشروط محددة و لجهات معينة ولاغراض محددة ،مثل المصانع والشركات الكبيرة .أو المشاريع الزراعية الاستثمارية الضخمة .لكن حادثة ضبط تناكر بري ،و لايفات ابراهيم الشيخ أظهرت صورة سيئة لعمليات استيراد الوقود من قبل وزارة الطاقة .وأظهرت عدم وجود ضوابط لتداول سلعة خطرة بكميات ضخمة داخل الأحياء السكنية..وأظهرت بروز اقتصاد طفيلي مواز يستطيع أن يدمر ما تبقى من مؤسسات الدولة .
علينا النظر بعين الاعتبار لهذه القضية ،والتي في ظني ابعد وأخطر من الاستهداف السياسي لشخص.