المشكلة في قصة إبراهيم الشيخ القيادي الكبير في قحت ليست ان إبنه سرق الجاز ، الحقيقة الواضحة هي أنه لم يفعل ذلك، بل إشترى جازا كما يفعل عادة للمولد الكهربائي الخاص و بسعر السوق الحر. المشكلة أيضا ليست في سلوك لجان المقاومة وتجاوز حدودهم القانونية بحسب حديث إبراهيم الشيخ. هذه جوانب غير مهمة.
المهم أن إبراهيم الشيخ و أسرته و إبنه المناضل و بناته المناضلات يمتلكون مولدا كهربائيا خاصا غالي الثمن، يستهلك وقود غالي الثمن كذلك. لقد أصبح ابراهيم الشيخ القيادي في حزب المؤتمر السوداني ثريا في عهد الإنقاذ نفسه، وبحسب علاقات السوق والتجارة و إمتلاكه المعلومة عبر علاقة معينة وقديمة مع مؤسسة الدولة إستطاع إمتلاك ثروة كبيرة. هذه الطريقة في الثراء تخضع للظروف والعلاقات السابق ذكرها، و الثراء ليس عيبا أو حراما و الوضع الطبقي عموما لا يستدعي العار او الشعور بالذنب و الفقر ليس شرفا بل كارثة و مرض ومشكلة.
النقطة المهمة هنا هي أن الوضع الطبقي والاجتماعي لا يجب تجاهله لصالح أفكار مثالية يساهم إبراهيم الشيخ نفسه في تكريس بقائها وتحديدا هنا أشير لكلمة ( الكيزان ).
الكيزان لا تعني الإسلاميين، بل تعني تلك الفئة التي إستفادت من الإنقاذ و نالت حظها من الثراء او القوة بحسب إرتباطها بالسلطة. الكيزان بهذا التعريف هم تعريف موضوعي لفئة تضم أسر عديدة وأبناء أسر عديدة( بعضهم يناضل اليوم ويزايد علينا) هذه الفئة تمكنت وأمتلكت الأرض والمال والأعمال في عهد الانقاذ مثل تلك الصفوة التي نالت حظها من الثروة منذ عهد مايو.
إن طرح المسألة بإعتباره أن الكيزان الأعداء هم الإسلاميون طرح مضلل، لأني لا افهم ماذا تعني كلمة (إسلاميين) و لا أعثر فيها على تعريف موضوعي و واقعي، لكني أفهم جيدا معنى (أثرياء السلطة والسوق) في وضع مختل غارق في اللامساواة والعلاقات الزبائنية والسمسرة ….الخ.
إن زميلي العم ( …..) رجل ينتسب للتيار الإسلامي لكنه ليس ثريا ولم ينل قوة أو سلطة في الانقاذ ، بل هو رجل كادح فقير لا يحوز شيئا. نضعه نحن اذا ذهبنا مع منطق ابراهيم الشيخ في خانة واحدة مع الكوز عبد الباسط حمزة و أغنياء الإنقاذ.
هذه آيدلوجيا مضللة، تخفي الحقيقة وإبراهيم الشيخ مستفيد في الحالتين. مستفيد لأنه ثري و مستفيد لأن للصوابية السياسية لا تصنفه كوزا، رجل ليبرالي لطيف و مناضل و ثري ( الدنيا معاهو حلوة ). أمثاله كثر من أسامة داؤود الى آباء كثير ممن نعرفهم من الناشطين و الناشطات.
ما يجب أن ننتبه له من قصة ابراهيم الشيخ هو جانب إمتلاكه (الشرعي) لمولد كهربائي و قدرته على شراء الجاز، في بلد لا يمتلك هذا الإمتياز سوى قلة نادرة من الناس.
وهنا فالنتيجة ليست تجريم الثراء بل رفض اللامساواة وكشف الحقيقة واضحة للجميع. حقيقة أن العدو ليس كائنا مثاليا يسمى إسلاميين كيزان ….الخ بل العدو هو وضعية إجتماعية نناضل ضدها في جبهة تحمل آيدلوجيا ذات مضمون إجتماعي تحرك الجماهير لنيل حقوقها الإقتصادية والإجتماعية.
وهنا بالذات سيكون إبراهيم الشيخ و غالب قادة الطبقة السياسية مدانون بالنسبة لنا و أعداء ، لأنهم لا يكشفون الحقيقة المادية للجماهير ويغبشون وعيها بأفكار مثالية معلقة في السماء، وفي نفس الوقت يستفيدون من كل الشروط المادية لمزيد من الثراء لهم و لأبنائهم.