كلام صريح _ حمدوك …النداء الاخير _ سمية سيد
رغم التخوفات التي استبقت انطلاقة حراك تصحيح المسار .غير أن ما حدث أمس في 30 يونيو أثبت أن ثورة ديسمبر محروسة بقوة الشارع ،ولا تستطيع اي جهة .عسكرية كانت أم مدنية.ان تلوي إرادة الشعب .
كثيرون تخوفوا من هذا اليوم لأسباب موضوعية .منها التسبب في زيادة انتشار جائحة كورونا .واستغلال عناصر النظام البائد للتجمعات وإحداث انفلات أمني. أو تدخل الجهات الأمنية واستخدام العنف ضد المتظاهرين ..لكن وعي الشباب خذل كل تلك التكهنات ،ومضت المواكب السلمية تجوب كل ولايات السودان ،وحققت أهدافها في التعبير عن مسار الحركة الإصلاحية المطالبة باستكمال مهام الحكومة الانتقالية .
عدد من الرسائل يمكن أن تقرأ من مواكب 30 يونيو لعدة جهات ..
أهمها انها جددت الثقة في رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك .لكن من الشعارات المرفوعة والهتافات التي أطلقها المتظاهرون يتضح انها ثقة ودعم مشروط وليس مطلق..ما زال الشارع يعبر عن حرصه في استمرار التغيير عبر حكومة حمدوك .وهذا له متطلبات وشروط صعبة وعلى الحكومة أن تعي ذلك.قبل فوات الأوان مواكب الأمس جددت السند الشعبي لحمدوك لاستكمال مطالب الثورة ،المتمثلة في تحقيق العدالة والقصاص .السلام.الاقتصاد ومعاش الناس ،استكمال هياكل السلطة،محاكمة رموز النظام البائد.
ليس من السهل التكهن باستجابة وتنفيذ حكومة حمدوك لشروط ومطالب الثوار ،في ظل البطء الشديد التي اتسمت بها سياسات وقرارات وإجراءات الحكومة الانتقالية .
بالنسبة للأزمة الاقتصادية ومعاش الناس .يكابر من يعتقد بسهولة إيجاد حلول سريعة لها ،كون انها من أكبر تركات نظام الإنقاذ، التي قضت على الموارد .لكن يؤخذ على حكومة حمدوك انها لم تبدأ البدايات الصحيحة بتصحيح مسار الاقتصاد من خلال إعادة بناء قاعدة الإنتاج، وذهبت تبحث عن الأموال خارج الحدود.
معاش الناس اليومي من دواء وخبز ووقود كانت إدارة حكومة حمدوك فيها ضعيفة جدا ..وزارة الصناعة فشلت في الاستفادة من القدرات الكبيرة في الصناعة الوطنية لقطاعي المطاحن والدواء..في ملفي السلام والقصاص جميعنا يلاحظ البطء والتسويف في ادارتهما .
من الرسائل المهمة جدا في مواكب الأمس انها قطعت الطريق تماما في عودة النظام البائد على واجهة الأحداث السياسية .فقد كانت الجموع رافضة تماما لأي تيارات سياسية لها ارتباطات بنظام الإنقاذ وحزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.
كذلك من الرسائل المهمة استبعاد فكرة تسليم السلطة للجيش .هذا الحلم الذي بدأ يظهر من خلال الذين راهنوا على فشل حكومة حمدوك ،وابرزوا الجيش وكأنه البديل والخيار الأمثل لقيادة ما تبقى من الفترة الانتقالية.
الرسالة الجديرة بالتحليل هو الانتقاد الذي برز من الشعارات المرفوعة لقوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة .
أظهرت مواكب 30 يونيو أن الشارع متقدم جدا على القوى السياسية المكونة للحكومة وغيرها ،وأنه يستطيع أن يحرس ثورته من أي تعديات مدنية أو عسكرية .وأنه الرقيب على أداء الحكومة .
لم يبقى لحمدوك فرصة غير أن يسابق الزمن في أحداث التغيير المطلوب ..وهذا بالطبع يحتاج إلى إرادة سياسية قوية .وقرارات جريئة تبدأ بالتخلص من العناصر الضعيفة في كابينة الحكم.