بسم الله الرحمن الرحيم
نص خطاب رئيس مجلس الوزراء د.عبدالله حمدوك في ذكرى الثلاثين من يونيو
شعبنا الصامد الصابر المنتصر …
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اُحييكم باسم ثورة ديسمبر المجيدة
وبإسم شهدائنا الأبرار وتضحيات الجرحى والمفقودين وبسالة الثوار الابطال في الشوارع والمدن والقرى.
أقف أمامكم اليوم لأخاطبكم في ذكرى الثلاثين من يونيو. هذه الذكرى التي حولتها جسارة وبسالة الثائرات والثوار من أبناء شعبنا الابطال، من ذكرى يوم بدأت فيه حقبة كالحة من المظالم والفساد والطغيان والاستبداد استمرت لثلاثين عاماً ، واورثت بلادنا خراباً ودماراً وديوناً وبحاراً من الدماء…
تحولت ليومٍ حاسم مجيد كتب فيه الثوار بمداد من نور: أن كلمة الشعب لا غالب لها وأن سلطة الشعب تعلو ولا يُعلى عليها وأن الشوارع لا تخون والمدنية خيار الشعب. لقد كانت الجموع التي اندفعت لتملأ الشوارع في ٣٠ يونيو ٢٠١٩، هي صاحبة الكلمة الحاسمة التي اعادت رفع راية (حرية، سلام وعدالة) عالية وخفاقة. لينصاع الجميع احتراماً واجلالاً لصوت الشعب الجسور، باتجاه التوافق على معادلة سياسية فتحت الباب لعملية الانتقال المدني الديمقراطي في بلادنا الحبيبة. هذه الجماهير التي انتظمت في لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين وكل القوى الوطنية الحية هي التي صنعت التغيير الحقيقي في السودان.
إن كلمة الجماهير وقرارتها لا راد لها. ولقد التقيت في الأيام الماضية بطيف واسع من القوى السياسية ولجان المقاومة والقوى المجتمعية، واستلمت وقرأت بعقل مفتوح وخاطرٍ اكثر انفتاحا مذكرات لجان المقاومة واسر الشهداء عن تعديل المسار. وانا اؤكد ان كل المطالب التي وردت في هذه المذكرات هي مطالب مشروعة واستحقاقات لازمة، لا مناص عنها من أجل وضع قاطرة الثورة في مسارها الصحيح. وستعمل حكومة الفترة الانتقالية على تنفيذها بالشكل الأمثل خلال الاسبوعين القادمين، متوخيين في ذلك التوصل الي أعلى درجات التوافق والرضا الشعبي.
شعبنا الباسل…
إنه مما لا يخفى عليكم أن التوازن الذي تقوم عليه المرحلة الانتقالية التي تحاول حكومة الثورة ادارتها، هو توازن حساس وحرج. وانه يمر بين كل حين واخر بكثير من المصاعب والهزات التي تهدد استقراره، وتتربص به قوى كثيرة داخل وخارج البلاد تحاول إعادة مسيرتنا الي الوراء. ولكن ما أؤكده واعد به باننا قد نتعثر ولكننا لن نعود -ابداً- الي الوراء. إنني أُعيد التأكيد على التزامات الحكومة المبدئية بتحقيق العدالة والقصاص الذي يضمن عدم تكرار الجرائم التي تم ارتكابها خلال الثلاثين عاما الماضية في حق أبناء شعبنا، ومحاربة سياسات الافقار المنظم التي عانى منها شعبنا خلال العقود الثلاثة الماضية لصالح سياسات اقتصادية متوازنة تضمن التنمية وعدالة توزيع الموارد وتوفير الخدمات الاساسية للجميع، وتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في السودان والسعي لاسكات صوت الرصاص وجدل البندقية في الساحة السياسية السودانية الي الابد، وضمان سيادة حكم القانون والعدالة في ربوع البلاد بشكل جذري لا مساومة ولا تهاون فيه.
إنني اناشدكم وانتم تمارسون غداً حقكم الاصيل الذي انتزعه شعبنا في ثورة ديسمبر المجيدة، بالتعبير السلمي عن الرأي والمطالب، بتوخي أقصى درجات الحرص واتباع الارشادات والموجهات الصحية التي تساهم في الوقاية من زيادة انتشار وباء الكورونا، حماية لشعبنا وانفسنا من مخاطر الانفجار الوبائي. وكلي ثقة، في يقظة الثوار وتمسكهم بسلاح السلمية الذي انتصرت به الثورة في مواجهة القوى الظلامية.
الشعب السوداني العظيم
ستتوالى على مسامعكم في الأيام المقبلة عدداً من القرارات الحاسمة في مسار الفترة الانتقالية، وقد يكون لبعضها اثر كبير – سياسياً واقتصادياً واجتماعياً- وستحاول بعض الجهات استغلالها لتأجيج وصناعة حالة من عدم الاستقرار. إنني ادعوكم جميعاً، لتوخي اقصى درجات اليقظة والحذر … اننا سنعبر وسننتصر بوحدتنا وبتمسكنا بأهداف ثورتنا المجيدة.
المجد والخلود لشهدائنا الابرار
حفظ الله السودان وشعب السودان
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
إعلام مجلس الوزراء
٢٩/يونيو/٢٠٢٠م