همس الحروف _ (مؤتمر شركاء السودان ببرلين في الميزان) _الباقر عبد القيوم علي

منذ نحو ثلاث عقود من الزمان ظل السودان حبيساً في الدوائر الإقليمية الضيقة علي مستوى الإتحادات والجمعيات الأفريقية والعربية فقط وظلت الدبلوماسية السودانية تحصر نفسها طيلة هذه الفترة الفائته في علاقاتها مع أفريقياً و لم يكن لها ذات الحضور مع الجامعة العربية كإتحاد عربي .. فلم يستطع السودان من خلاله ضمان مواقف جادة من الجامعة حيال قضاياه المصيرية لأن معظم كراسي جامعة الدول العربية كانت تشكل مواقف أمريكا و أوروبا بالوكالة والتبني و لهذا كنا نجد كرسي السودان حبيساً و مصاباً بالتوحد داخل بيته العربي و كان حكمة كحكم طليقة الإبن في بيت أهل الزوج تنال درجة من الأحترام و لكن بدون تبادل للمصالح ، و أن حصل ذلك يكون التعامل في حدود ضيقة تتباين في درجاتها حسب علاقات الصداقة بينها وبين أفراد الأسرة على المستويات الفردية و العلاقات الشخصية فقط .. ولهذا لم تكن هنالك مساهمات تذكر من أعضاء الجامعة والبيت العربي داعمة لمواقف السودان في القضايا ذات الطابع المصيري ، عدا مساهمة دولة قطر الفردية و التي لا يستطيع أحداً إنكارها في وقفتها التضامنية مع قضية دارفور ، و متابعتها لملف السلام فيه ، و هذه المبادرة إنفردت بها دولة قطر من ذات نفسها خارج دوائر الجامعة العربية

. فنجد على النقيض تماماً مواقف الاتحاد الأفريقي التي كانت تشكل داعماً لمواقف السودان كشركاء حقيقين و لم تكن كراسي الإتحاد تتبنى مواقف ضده بالوكالة ولهذا نجد أن الإتحاد قد أصدر قرارات قوية ألزم بها جميع أعضائه بعدم الالتزام بالعقوبات الأميركية ، وكذلك بقرارات محكمة الجنايات الدوليه و وجه بتكوين آلية لمتابعة تنفيذ هذه القرارات و السعي على رفع العقوبات الأميركية

. ظلت الحكومة السودانية تلهث خلف جامعة الدول العربية في عدد من ملفات بعض القضايا ، أبرزها كان موقف الجامعة من المحكمة الجنائية الدولية.. ولكن ظلت الجامعة صامدة في موقفها تجاه هذا الملف عكس مواقف الإتحاد الأفريقي .. كان السودان كثير القلق من مواقف الجامعة إذ نجده في القمة العربية التي كانت منعقدة بنواكشط طالب البشير فيها الجامعة العربية صراحة بإتخاذ موقف مماثل لموقف الاتحاد الأفريقي ، بيد أن الجامعة لم تعيره أدنى إهتمام حيال طلبه*

و نجح السودان أخيراً دبوماسياً وكسر حاجز العزلة الدولية على مستوى العالم بهذا المؤتمر الذي أسمى نفسه بشركاء السودان الذي ضم أكثر من (40) ممثلاً للدول العظمى ، و المنظمات الدولية الكبرى ، فنجد أن الوضع قد تغير وتغيرت معه وتبدلت أحوال و موافف كثير من الدول و المؤسسات المالية العالمية التي كانت تقف في الحياد أو في موافق سلبية وعدائية تجاه مواقف السودان ولكنها اليوم جميعها تقف في منصة واحد وإسمها منصة الشركاء و الأصدقاء .. وكذلك نجح السودان إعلامياً إذ نجده شق لنفسه طريقاً و مكاناً جديداً بعيداً عن شهرته بالإرهاب والجرائم المترتبة عليه وجرائم الحروب ، فإختلفت المواقف عن سابقاتها إذ نجده و عبر الميديا و جميع القنوات الفضائية العالمية يتحدث السودان عن نفسه بلغة حديث المؤتمر بدون وسيط او ترجمان في حضور سوداني جميل وأنيق ورائع .. و برغم أن هنالك بعض الملاحظات والهنات الصغيرة التي صاحبت المؤتمر إلا أن المحصلة النهائية يعتبر ناجحاً بكل المقاييس وذلك بعودة السودان للحاضنة الدولية وخروجه من إقليميته وعزلته الأفريقية والعربية للعالمية وكان ذلك بصورة مشرفة ، و بعيدة كل البعد عن الحروب والأزمات التي كان يشتهر بها في السابق*

نجد أن هنالك حالة إحباط عامة من بعض المراقبين نتيجة شعورهم النفسي الذي لازمهم من ضعف ما كان مأمول من التبرعات والمساهمات التي ظهرت بصورة توصف بأقل من متواضعة و أغلبها كان رمزياً و عينياً يمثل مشاريع لدعم بعض المؤسسات

وهذا الإحباط كان نتيجة ما كشفه سابقاً السيد وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي عن اتفاقه مع بعض المؤسسات المالية الدولية على إعفاء السودان من الديون بشكل كامل قبل نهاية العام المنصرم وكما جعل الشعب في حالة تأهب و إنتظار بإعلانه المسبق بأن موازنة 2020 سيمولها أصدقاء وشركاء السودان.، و لكن نجد أن هذا الوعد الذي لم ينطبق على أرض الواقع و كانت المبالغ المتحصلة أقل بكثير من ما كان ينتظره الناس وهذا هو ما جلب الإحباط للجميع .. ولكن ذلك لا ينفي نجاح مؤتمر شركاء السودان على المستويين الدبلوماسي والإعلامي

Exit mobile version