حديث المدينة- مؤتمر (الله يدينا ويديكم)!!-عثمان ميرغني
كنت سعيدا أن إدارة (مؤتمر برلين للشراكة
مع السودان).. قررت أن يكون مفتوحا على الهواءعلى الأقل هنا في السودان يحتاج الشعبالسوداني أن يرى ليقيم الوضع بنفسه.
تابعت المؤتمر كله من أول كلمة حتى آخر دقيقة ، ولم تكن فيه مفاجأة خارج الحسبان، تحدث ممثلو الدول والمنظمات الدولية
والإقليمية وقالوا في شعب السودان شعرا يستحق أن يضاف للمعلقات، ولكن ما أن تأتي لحظة
الحقيقة والهبوط من الثريا للثرى، لحظة ذكر الأرقام، حتى ينخفض الصوت وترتفع مناسيب الدبلوماسية والمجاملة.. بديلا لما نسميه شعبيا
في السودان (الله يدينا ويديكم)!.والحقيقة نحن لانلوم العالم، بكل دوله ومنظمته الأممية ومنظماته الاقليمية مثل الإتحاد الأوروبي ومؤسساته المالية مثل البنك الدولي.. هم قاموا بما عليهم، وأطلقوا على المؤتمر بصورة صريحة وسافرة (مؤتمر الشراكة)!! لكن الجانب
السوداني يصر الحاحا، أن المؤتمر للمانحين
(المحسنين)!! الذين يجب أن يدركوا أن أفضل مكان لصدقاتهم (لا صداقتهم) هو السودان وشعبه، فعرضوا عليهم نماذج تشهير ممكنة في السفور وعينة من (فقرنا المدقع): سيدة لا تستطيع دفع الإيجار، سائق تاكسي لا يجد عملا، وأسرة باتت جائعة بدون عشاء !! بالله عليكم، إذا عرض عليك رجل أعمال ثري (الشراكة)هل تحمل إليه آمالك أم الآمك..
أحلامك أم احباطاتك. قدراتك ومؤهالتك أم
نكباتك وفواجعك!!
ماهي المسافة الفاصلة بين (الشراكة) و(العمل
الخيري)!(الشراكة)تعني الإستثمار(بزنس)،جاذبية المصلحة المشتركة، أما الصدقات و العمل
رصيد الشفقة واألحزان! الخيري فهو احسان اليد عليا لليد السفلى! من
هل تقوم )الشراكة( على جاذبية المستقبل أم
قتامة الحاضر؟
هل من (الشراكة)أن تنفق دول العالم
ومنظماته على (الدعم المباشر) على الأسر السودانية المتأثرة بحزم الإصالح؟ بل وأين هو الإصالح نفسه؟ منذ رحيل النظام المخلوع هل تعدل قانون واحد؟ هل أعيدت تسمية مرفق واحد؟ هل تغير منهج التفكير والإدارة والعمل الحكومي؟ عندما نخاطب العالم ونطلب منه دفع فاتورة (لإصلاح) ألا يجب أن نقنعه أولا بأن هناك اصلاحا حقيقيا بدأ أو سيبدأ؟.بالله عليكم، بدل مقاطع الفيديو التي عرضت
على المؤتمر، لو عرضنا عليهم صورا من مشروع الراجحي في الشمالية، جبل مرة في دارفور،
مشروع الجزيرة، القضارف والنيل األزرق، جبال النوبة، وقلنا لهم نحن نملك مساحة أوروبا
الغربية من أخصب االراضي تجي من تحتها المياه.. ونملك الطاقة الشمسية النظيفة.. ونملك الخبرات والانسان المنتج.. ثم اختصرنا لهم الحديث كله في جملة واحدة ) الدولار بعشرة
دولار). و(علينا جاي)!
تعالوا استثمروا في كل شيء من البنى التحتية للزراعة والصناعة والسياحة والثقافة والتعليم والصحة ،فلنكن عاصمة الطب في أفريقيا،والمدن الحرة على شواطيء البحر األحمر.. والسكك الحديدية التي تربط السودان بكل
أفريقيا.. و(الدولار بعشرة دولار)و (علينا جاي)!!شكرا للتكنلوجيا التي أتاحت أن يكون هذا
المؤتمر عبر الأثير، وإلا لدفع الشعب السوداني
من حر مال فقره المدقع تكلفةسفرالوفدالسوداني إلى برلين، فتكون النتيجة (ميتة وخراب ديار)!! فالوفد لن يعود بـ(خفي حنين) بل (فردة واحدة)من خفي حنين!!مع تقديري لكل من اجتهد ليكون هذا المؤتمر مثمرا إلا أنه كشف بصورة لا تقبل الجدل الأزمة السودانية ليست في المال!!
شكرا زينب البدوي