بدأ العد التنازلي لإحياء ذكرى 30 يونيو التاريخية والتي أعادت للثورة ألقها وهيبتها، وألبست ثوارها وشهدائها رداء الجسارة والإرادة والعزيمة التي لا تقهر.
تأتي ذكرى 30 يونيو هذا العام وسط ظروف صحية بالغة التعقيد أفقدت الكثير جدا من المناسبات طعمها ونكهتها ولكنها لن تفقدها خصوصية يوم يعتبر علامة فارقة في تاريخ السودان السياسي.
لم تخرج وزارة الصحة حتى الآن برأي واضح حول إحياء المواطنين لهذه الذكرى إستجابة لنداءات تجمع المهنيين والعديد من القوى السياسية، ولكن ما أتوقعه ويتوقعه غيري هو خروج آلاف الشباب للشوارع لإحياء ذكرى هذا اليوم بطريقتهم الخاصة في من خلال مواكب لها مطالب محددة ومشروعة، ووجب على الحكومة توعيتها صحيا وحمايتها بكافة السبل.
نعم المحاذير الصحية كثيرة وربما أدت لكوارث صحية محتملة، ولكن هذا هو دور قيادة الدولة وأعني هنا رئيس مجلس الوزراء د/ عبدالله حمدوك وحاضنته السياسية قوى إعلان الحرية والتغيير، في أخذ قصب السبق في مبادرة يفاجئ بها الشارع الثائر لتغير ملامح المواكب الرافضة إلى مؤيدة، وذلك بإجراء إصلاحات عاجلة تعيد الأمور إلى نصابها بعد أن أوشكت الثورة على الضياع بسبب سياسته التي تجنح للسلم في قضايا مصيرية لا تقبل الرمادية.
فمن يخرج للشارع يوم 30 يونيو سيكون قاصدا تذكير الحكومة الإنتقالية بكافة واجباتها التي تنصلت عنها لصالح إرضاء طرف غير موجود من الأساس في وجدان الشعب، ولكنه فارضا نفسه بقوة في كافة تفاصيل الحياة اليومية وبصورة مزعجة للغاية.
خروج الثوار سيكون لتذكير حمدوك بضرورة فرض هيبته كرئيس مدني هلل له الشارع وتغنى بإسمه، يطالبه بفرض ولايته على المال العام الذي توزع بين مؤسسات الكاكي ورُتب العسكر.
يذكره بأن ملف السلام لا يجب ان يخرج من يد السلطة المدنية بأي حال من الأحوال، وأن تعيين الولاة لا يجب ان يتوقف بأمر عسكري أو إنتهازي او حتى صاحب قضية مستعد ان يرهن مستقبل بلد كامل من أجل شروط تعجيزية يمكن أن تمتد لسنوات او شهور تضيع معها وخلالها معالم البلد إلى الأبد.
وتذكيره أيضا بأن النظام البائد متواجد حتى الآن داخل منظومته المدنية والعسكرية والأمنية، وانه لا معنى لتأسيس جهاز للأمن الداخلي في ظل وجود ذات وزير الداخلية ومدير عام الشرطة كادر العنف الإسلامي والمتورط في عشرات القضايا الجنائية والذي يعمل حتى اليوم ضد الشعب لصالح حزبه المحلول.
30 يونيو لتذكير حمدوك وحاضنته السياسية بأهمية إستكمال هياكل السلطة الإنتقالية من مجلس تشريعي وتعيين ولاة مدنيين بعد أن عاث العسكر في الولايات فسادا بمواصلتهم في ذات سياسات خلفهم سيئة الصيت والسمعة، وإبتزاز تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير ولجان إزالة التمكين ومكافحة الفساد وإسترداد الأموال في الكثير من الولايات، فالمال لا زال بيدهم والسلطة في حمايتهم.
مواكب 30 يونيو ستخرج ضد لجنة نبيل أديب التي وضح أن نبيلها لا قبل له بمخالفة أصحاب السلطة ممن تورطوا في إرتكاب هذه المجزرة، وإقالته فورا وتعيين القوي الأمين، ستكون أجمل هدية يمكن أن تقدمها الحكومة الإنتقالية لأرواح الشهداء وأسرهم بهذه المناسبة. تعقبها بتحديد سقف زمني لا يتجاوز الشهر لإعلان المجلس التشريعي الذي سيكون العين الساهرة للمواطن والحامي للحكومة الإنتقالية من نفسها ومن عبث المتسلقين وأصحاب الأجندة.
وأخيرا لإعادة النظر في وزراء الفترة الإنتقالية ممن أثبتوا أن الشهادات الأكاديمية بدون الخبرة السياسية لا مكان لها في خارطة الفترة الإنتقالية، وهو الخطأ الإستراتيجي والفخ الذي سقطت فيه قوى إعلان الحرية والتغيير بعد أن اتت لنا بمن هم دون قامة الثورة.
من الأوفق لحمدوك وحاضنته السياسية العمل بقوة لحماية مواكب 30 يونيو وإصدار توجيهات صارمة بعدم التعرض لها من قبل القوات النظامية التي تعودت إستهداف مواكب الداعمين للحكومة، بينما تتغافل عن مواكب فلول نظام المخلوع.
أما القيادات العسكرية في المجلس السيادي فعليها أن تعي تماما أنه لولا هؤلاء الثوار لما جلسوا في هذه المناصب ولما تمتعوا بإمتيازات لم يحلموا بها ، بل ولما سمع بهم أحد من الاساس، لذا فحمايتهم وتحقيق مطالبهم فرض عين.
صحيفة الجريدة