قرارات استباقية يعتقد البعض ستسهم في استقرار الوضع الاقتصادي ولو إلى حين بعد اجتماع اللجنه الاقتصادية برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، ونائبه رئيس مجلس الوزراء عبدالله آدم حمدوك، مع اللجنة الأمنية المكونة لاستقرار سعر صرف الجنيه السودانى بمحاربه تجار العملة وإيقاف المضاربات، حيث تم توجيه اللجنة الأمنية، بضرب تجار العملة وكل من يضارب في الدولار والعملات الأجنبية بيد من حديد.
وبعد عدد من الخطوات، تقوم اللجان الأمنية المشتركة بإتخاذ إجراءات أمنية مكثفة بالمداهمة والتفتيش وغيرها من سيناريوهات وضعتها اللجنة الاقتصادية للحد من الانفلات في الأسواق وتخفيف حدة الأزمات المتطاولة بحسب زعمها، وكعادة حمدان دقلو في استعراض مهاراته في الخطابة العفوية، صرح عقب الاجتماع بإن الدولار هو العدو الأول ولا مجاملة فيه بعد اليوم، وأن الحساب سيطال حتى النافذين الذين يتعاملون في تجارة العملة، ولن يتم التغطية على أحد، هذه وغيرها من التصريحات النارية التي عادة ما تجد مساحتها المبالغ فيها بوسائل الإعلام، رغم تقصير الرجل في تغطية ما عليه من مهام تم تكليفه بها مؤخرا وتحديدا فيما يتعلق باللجنة الاقتصادية، بعد أن ترك الفوضى تضرب بأطنابها على إمتداد الوطن لأشهر (ضارب طناش) ومتغاضي عن الكثير جدا من التفلتات والتجاوزات التي تسببت في هذا التراخي والسيولة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد حاليا.
القرارات المفاجئة للجنة الاقتصادية كان من الممكن ان تصدر قبل شهور طويلة، إلا ان التكليف برئاسة اللجنة الاقتصادية على ما يبدو إنحصر في محاربة سوق العملات وتجارة الذهب، والترتيب للمؤتمر الإقتصادي القادم والذي ترعاه (بكرم زائد) الإمارات العربية المتحدة، والتصريحات الأخيرة لحميدتي ماهي إلا (قولة خير) أو وفد مقدمة لبدء مراسم المؤتمر الاقتصادي، وحتى لا يقال أن الهدف من إعلان هذه اللجنة الاقتصادية هو المؤتمر الذي ترى فيه ابوظبي مآرب أخرى، وما حرب الموانئ ببعيدة.
شخصيا لم تقنعني تصريحات قائد الدعم السريع، لأن الوضع الاقتصادي المذري الذي وصلنا إليه، كان بإمكان سيادته المساهمة في إيقافه بصفته نائب لرئيس مجلس السيادة، وكعضو في اللجنة الأمنية، وكقائد للدعم السريع، وتحديدا الدعم السريع لما له من صولات وجولات في هذا الشأن في السابق، وحسم الكثير من مظاهر الفوضى في الشارع التي كانت سائدة من وجهة نظرهم وإن إختلفنا حولها، فأيهما أولى بالحسم والردع، (تسريحات شعر الشباب والبناطلين السيستم والتي هي شأن خاص، أم التجار والسماسرة المضاربين في قوت الشعب وتهريب موارد البلد من ذهب ومعادن وثروات حيوانية وتحويلها لحسابهم الخاص؟؟).
الدعم السريع كان من الممكن أن يجد الفرصة التي يبحث عنها بتحسين صورته أمام الرأي العام رغم كل شيء، وكسب تعاطف الشارع السوداني رغم الإتهامات التي لازمته دون أن يخسر مليما واحدا في شركات الدعاية الأجنبية، ودون أن يستجدي الصحافة الصفراء، كان عليه ان يقوم بدور القوات النظامية التي تخاذلت، وأن يقوم بنشر جنوده على الأسواق وطلمبات الوقود ومواقف المواصلات، ومطار الخرطوم والمعابر الحدودية للحد من ظاهرة من ظاهرة التهريب التي كسرت عظم الاقتصاد السوداني، ولوقف جشع التجار والسماسرة من المواطنين معدومي الضمير والنافذين على حد سواء، ولحسم التلاعب في الدولار والدواء من قبل المافيا التي سيطرت على سوق الدواء وأودت بحياة الآلاف المواطنين الأبرياء.
إن كان فعلا حمدان دقلو جادا في تصريحاته فليبدأ بشركات الأمن والجيش والدعم السريع، وليشرف بنفسه على دخول إيراداتها لخزينة الدولة دون تسريب لحسابات شخصية كما كان يحدث حتى قبل يومين.
اما حمدوك رئيس مجلس الوزراء، فمسؤول من أي جرام ذهب يخرج من السودان عبر الطرق الملتوية، ومسؤول أمام الله وامام شعبه عن أي زيادات غير مبررة في سلع أساسية معنية بمعاش الناس. وعن أي دواء تم إخفائه بغرض زيادة سعره، وعن أي مريض توفاه الله نتيجة أخطاء طبية أو سوء إدارة. أما البرهان ومن شايعه من عساكر المجلس السيادي، فلن نقول لهم إلا : (الضرب على الميت حرام).
الجريدة