همس الحروف _ حملات شرطة المرور عقوبات بلا هدف _ الباقر عبد القيوم علي
هل الهدف من العقوبة المفروضة من الدولة على بعض أفراد شعبها هو تحقيق العدالة في المجتمع و إعدام ظاهرة الخطأ الذي إغترفوه و كانت من أجله العقوبة أم هو إصلاح لمرتكبي الخطأ وتقويمهم و دفعهم في المجتمع مرة أخرى بعد توعيتهم بحجم الضرر الذي نشأ من إرتكابهم للخطأ تجاه الحق العام ، فهل حينما نعاقب أبنائنا عند وقوعهم في الخطأ المتعمد نقوم بتأدبهم وتوجيههم من أجل إصلاحهم ليكونوا نافعين في المجتمع أم فقط نعاقبهم هكذا جزافاً بدون أهداف منشودة*
في ممارسة تنفيذ القانون عبر من يخول لهم القانون بذلك هنالك لبس كبير في التعاطي مع الرأيين . فنجد أكثر الناس لا يفرقون بين العقوبة والتأديب بغرض الإصلاح ، وفي الغالب هم يعاقبون ولا يأدبون أو يصلحون ، فالعقاب هو ايقاع الجزاء علي الفرد بعد ارتكابه الخطأ مباشرة ، و من المفترض أن يتم ذلك خلال مراحل تبدأ بالتوجيه بغرص الإصلاح و تنتهي بتوقيع العقوبة التي لا تخالف المنطق وتتوافق مع مقدرة الفرد على تحملها وفق ما يسمح به القانون ويتم ذلك على التدرج من الأخف إلى الأشد حسب إصرار الفرد على نوعية الخطأ الذي إغترفه
تلك الكماشة التي وضعت فيها شرطة المرور كثير من المواطنين بما تسيره هذه الأيام من حملات عامة تبحث في كل المخالفات المرورية فتحت كثير من باب التساؤلات عن ماهية هذه الحملات وما هو الهدف المنشود منها ؟ هل هي فقط من أجل العقوبة والجباية الجائرة التي تأتى في أيام يصعب فيها توفير مبلغ المخالفة أم الهدف منها سياقة الناس للعقوبة من أجل أن يقوموا بترخيص مركباتهم و دواوين الدولة جميعها مغلقة أمامهم بسبب الحظر.. فأصبح المواطن ما بين مطرقة شرطة المرور وسندان الإغلاق العام لمراكز ترخيص المركبات
فصار المواطن بين أمرين خيارهما مُر : فاما أن يجلس في بيته ولا يخرج من أجل إستجلاب بعض ضروريات إستمرار حياة أسرته و خصوصاً في تلك الفسحة الزمنية الضيقة التى يسمح بها زمن الحظر أو أن يخرج و يكون عرضة للمخالفات المرورية التي تفوق قيمتها الخمسمائة جنيه بسبب عدم مقدرته على ترخيص مركبته بسبب الإغلاق العام لمراكز ترخيص المركبات.. وهنا حقت عليهم مقولة طارق إبن زياد : (إين المفر البحر من ورائكم والعدو أمامكم) ، فليس للمواطن إلا أن يمدد حبال صبره و أن يضبط نفسه وذلك لأن من أصدر هذه الأوامر العمياء والغير مدروسة لا تهمه نتائج ما يحدث لغيره، وللدولة وهو في الأصل لا يحس بذلك .. وكذلك ظناً منه أنه يحسن صنعاً و هذا خلاف ما يترتب من تلك الممارسات من أغبان تجاه الدولة … و كما يحدث من جراء تلك القرارات تولد كثير من سوء الفهم الذي تنشأ منه الإحتكاكات المباشرة ما بين عوام المواطنين ورجال الشرطة الذين يقومون بتنفيذ الأوامر وهم يطلقون على أنفسهم (عبيد المأمور) مما قد يكون ذلك خصماً من الإحترام العام لرجل الشرطة الذي يقوم بتنفيذ هذه التعليمات التي تمت بدون دراسة