بلا حدود – البرهان – موت الجماعة عرس- هنادي الصديق
تناقلت الأسافير خبر تسمية عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر، رئيساً للجنة العليا للتعامل مع بعثة الأمم المتحدة الجديدة التي يتوقع وصولها للبلاد في يناير 2021 ، وهو الخبر المثير للدهشة والإستغراب معا، ويشير بوضوح إلى إنعدام الثقة بين المكونين المدني والعسكري في الحكومة الإنتقالية، وهو ما ظللنا ننوه إليه بإستمرار، فالبعثة الأممية بحسب رئيس مجلس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك تأتي تحت الفصل السادس، وتشمل مدنيين فقط ولا تشمل عسكريين أو شرطيين، ورغم ذلك برزت مخاوف المكون العسكري، والذي سيبدأ في إحداث خروقات بالوثيقة الدستورية تحت زعم (سيادة الدولة) والتي هم أبعد ما يكونون عنها حتى الآن بالدلائل والبراهين.
مخاوف رئيس مجلس السيادة بدأت بشكل أوضح عقب تسليم علي كوشيب نفسه لمحكمة الجنايات الدولية، وحدة التوتر تضاعفت مع تحديد موعد وصول البعثة الاممية بعد أشهر والتي ستكون متزامنة مع نهاية فترة سيطرة المكون العسكري على مجلس السيادة، ومن خلال تنويره الذي قدمه لقيادات الشرطة وجهاز المخابرات العامة حول البعثة الأممية وصلاحياتها، لم ينسى أن يمتدح دورها في بسط الأمن والحفاظ على إستقرار البلد، باعتبارها مسؤولة عن أمن وحماية المواطنين، حتي ينعم السودان بالطمأنينة بحسب قوله، البرهان لم ينسى أن يشير للنقطة الأكثر حساسية وهي علاقتهم بالجهاز التنفيذي، مؤكدا على التعاون الوثيق بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء لإيجاد حلول لكافة المشاكل التي يعاني منها الإقتصادية والإجتماعية والصحية ومعاش المواطن، و تحسين الوضع للأفضل، بدارفور. ووو الخ من الأحاديث المكررة بغرض التخدير والتسكين.
يخيل إلى القارئ وللوهلة الأولى أن حديث رئيس مجلس السيادة المعني به مواطن دولة أخرى وليس مواطن السودان بأي حال من الأحوال. فالأمن المزعوم لا وجود له على أرض الواقع، والوضع الإقتصادي المأزوم يشتركون فيه بشكل مباشر من خلال تمسكهم كمكون عسكري بالشركات والمؤسسات الهامة التي يفترض أن يكون منبع ومصب أموالها خزينة وزارة المالية وهو ما لم يحدث حتى الآن، وساهم في التردي الإقتصادي الذي تعاني منه البلاد.
لم يسهم المكون العسكري في إحداث نقلة أمنية نوعية في السودان حتى الآن، على العكس تماما، إستمر إنعدام الأمن في العديد من مدن العاصمة وولايات السودان وعلى رأسها دارفور التي تنزف دما حتى يومنا هذا بكل أسف.،
إرتفاع الاسعار غير المبرر والفوضى وإنعدام الرقابة على الأسواق، والإرتفاع المجنون للعملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني هي من صميم عمل المنظومة الأمنية التي مدحها الفريق البرهان، رغم فشلها حتى الآن في تحقيق الأمن الغذائي والإقتصادي للمواطن.
فشل في تحقيق الأمن الصحي ونجاح بإمتياز في المساعدة في تفشي فايروس كوفيد 19 بتساهلهم وتجاوزهم المتعمد لكسر المواطنين لقرارات لجنة الطوارئ.
يقولون ما لا يفعلون، هو لسان حالهم بالضبط، وهذا ليس حديثي، بل حديث الشارع، والغرض معلوم للجميع بإفشال الفترة الإنتقالية برمتها وتحقيق الأجندة التي يعلمونها هم وليس سواهم ونجحوا فيها حتى الآن بنسبة كبيرة.
فسيادته مشغول بأن تكون البعثة الأممية بمنأى عن حقوق الإنسان، لأنه يعلم تماما أللا حقوق للإنسان في السودان حاليا، ولن تكون طالما أنه (ترك الحبل على القارب) ولو أدى ذلك لغرق الجميع، ويبدو أنه مطبق لمثل (موت الجماعة عرس).
تخوف سعادة الفريق أول رئيس مجلس السيادة من وجهة نظري، الهدف الاساسي منه عرقلة وصول البعثة الأممية ووضع المتاريس أمام عملها خاصة فيما يتعلق بعملية السلام الدائم بالبلاد، وستر عورة الإنتهاكات التي تمارسها القوات النظامية بحق المواطنين الأبرياء بدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وغيرها من مناطق محتقنة ولن ننسى الشرق بطبيعة الحال.
عقلية مجلس السيادة بمكونه العسكري هي نفسها عقلية حكومة المخلوع، عقلية ديكتاتورية تميل للعنف وفرض سيطرتها على كل من حولها، عقلية لا تعترف بأي حقوق للإنسان، منتهكة لكافة الحقوق والعهود والمواثيق، رافضة لمبدأ العدالة، لا مجال فيها لمبدأ المحاسبة وأبلغ دليل (تأخير صدور تقرير لجنة نبيل أديب وتفرق دماء الشهداء بين تصريحات خجولة ووعود زائفة).
المطلوب من شركاء الحرية والتغيير والمواطنين، أن يكونوا أكثر ذكاءا ووعيا بما يدور خلف الكواليس منعا لتكرار فوضى الربيع العربي، فالسودان مختلف ويجب الإستفادة من هذا الإختلاف لمصلحة الجميع.
صحيفة الجريدة