«1»
مسيرة 30 يونيو وفقاً لكثيرٍ من المعطيات والمؤشرات وقرائن الأحوال تتراءى لي وكأنها طائر شؤم يحمل بين جناحيه الشر والأذى، وبداية الإنزلاق والحرائق، ولهذا يوجد أكثر من مبرر لإلغائها، ففلول النظام المخلوع دعوا لها بمثل ما دعا لها تجمع المهنيين، وبمثل ما دعت لها بعض الكيانات ولجان المقاومة، وكل طرف له غاية تختلف عن الآخر يريد تحقيقها عبر المسيرة “الملغومة” ، ولكنّ أخطرها على الاطلاق غاية الفلول المستترة من هذه المسيرة..
«2»
يتخفى جماعة الزحف الأخضر، والحشد الشعبي من فلول النظام المُباد تحت لافتاتها لتحقيق غايتهم الكبرى وهي احداث البلبلة والفوضى واعطاء مبرر للعسكر لاستلام السلطة وتنفيذ السيناريو الذي تحدثنا عنه كثيراً، لهذا يتوجب على المجلس السيادي ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير منعها درءاً للفتنة ولقطع الطريق أمام سيناريو الفوضى والاضطرابات والانفلات الأمني، وإذا كانت تقديرات بعضكم أمس ذهبت إلى إلغاء مؤتمر صحافي لرئيس حزب معارض درءً للفتنة فهذه المسيرة في توقيتها وظروفها الحالية أولى بالإلغاء عن غيرها لِمَا لها من مداخل متعددة للشر ومشرعة على مصاريعها لإيذاء الوطن..
«3»
تجمع المهنيين وفي ظل مناكفاته وخلافاته الحالية مع قوى الحرية والتغيير، يريد من هذه المسيرة أن يبعث برسالة إلى الجميع تفيد بأنه مازال يُمسك بمقابض الشارع، ومفاصله ومازال يمتلك القدرة الفائقة على تحريكه وقتما شاء وكيفما شاء، وأن شفرة الثوار مازالت بيده، وكل هذا يدخل في باب كروت اللعب وأوراق الضغط في معادلة الصراع السياسي حول المواقع ولاشأن لكل ذلك بالمصلحة العامة والاستقرار السياسي للبلاد.
« 4»
لجان المقاومة، وكثير من الثوار، وأسر الشهداء يرون في المسيرة ظروف مواتية للتعبير عن عدم رضائهم عن السلحفائية التي تسير بها الحكومة والتماطل في حسم ملف الشهداء، والمفقودين وحالات الاغتصاب التي شهدتها أحداث فض الاعتصام، والتلكوء في محاكمة رموز النظام المخلوع ممن هم موقوفين بسبب قضايا فساد، كما هي فرصة بالنسبة لهم لتكرار الدعوة لبسط هيبة الدولة وعدم التساهل مع كوادر النظام المخلوع ونشاط حزبه المحلول ، هذه الأوضاع الرخوة للدولة حملت لجان المقاومة في الأحياء في كثير من الأحيان الى لبس عباءة رجل الدولة والشرطة، والأمن والقضاء في آن واحد، على نحو يهزم أهداف الثورة وشعاراتها، والمدنية ودولة القانون، بما يجعل التغيير الذي حدث في ابريل مسخاً مشوهاً وبلا قيّم ولامعنى وبلا مباديء يرتكز عليها، ويعطي تبريراً للذين يقولون استبدلنا نظاماً استبدادياً بآخر أكثر قهراً ولم نجد تغييراً على أرض الواقع.
« 5»
لم يعد يخفى على أحد مشهد الخلاف، واتساع هوة عدم الثقة بين قوى التغيير المدنية والعسكر، على نحو يهدد الفترة الانتقالية، وبناءً على هذه النقطة يمكن أن يرى بعض قادة الجيش في مسيرة الحشد الشعبي والزحف الاخضر من الفلول مبرراً قوياً لِهَزْ بساط السلطة من تحت أقدام قوى الحرية والتغيير وخطوة نحو استلام الجيش للسلطة بشكل أو آخر ، خاصةً بعد نجاح الفلول في توسيع هوة عدم الثقة بين العسكر والمدنيين بالعزف على وتر تسليم كوشيب للجنائية ليكون مقدمة للتخلص من العسكر في السلطة او كما يروجون…
لكل ماسبق استطيع القول أن مسيرة 30 يونيو تصب في أهداف جر البلاد الى الانزلاق والانفلات الامني، ولامصلحة عامة تُرجى منها، وإنما هي وسيلة ملغومة، كل طرف يحاول انتزاعها لتحقيق غاياته التي لاعلاقة لها باستقرار الفترة الانتقالية وبناء مؤسسات الدولة المدنية…
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة آخيرة
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة