السبت الأخضر.. الخرطوم تعول على جوبا لتحقيق سلام يعدل (الحال المايل)
السودانيون ينتظرون حدثاً كبيراً
جوبا: رضا حسن باعو
على الرغم من العثرات التي اعترضت مسيرة السلام الا أنه بات قاب قوسين أو أدني إذ تفصل الشعب السوداني عن الفرح الأكبر أيام فقط ويصبح السلام واقعا معاشا بين الجموع الغفيرة التي تنتظره.
مسيرة طويلة ومفاوضات شاقة جرت هنا في عاصمة جنوب السودان جوبا التي تستضيف مفاوضات السلام بين حكومة الفترة الانتقالية السودانية والجبهة الثورية السودانية بفصائلها العشر ليعقب ذلك مرحلة مهمة وجديدة في تاريخ سودان مابعد الثورة حيث سيتم إسكات أصوات البنادق للأبد.
لاعودة للسلاح
عدد من قيادات الجبهة الثورية السودانية أكدوا عدم العودة للحرب مجددا وأشاروا إلى ان عهد حمل السلاح قد ولى بغير رجعة وقطعوا بأنهم عندما جاءوا إلى جوبا كان هدفهم تحقيق السلام الشامل والعمل مع شركائهم في حكومة الثورة على استكمال مطلوباتها في الحرية والعدالة بعد إنجاز ملف السلام وهو الملف الأكبر والأهم.
وقطع قيادات بالجبهة الثورية خلال حديثهم (للنورس نيوز) بان مرحلة مابعد السلام تتطلب من الجميع التكاتف والتعاون من أجل بناء سودان الحرية والسلام والعدالة؛ ودعوا للعمل من أجل نهضة البلاد والاستفادة من مواردها الضخمة لتحقيق التنمية المتوازنة وإنهاء مظاهر التهميش والظلم في جميع أنحاء البلاد.
تجاوز الإحباط
احباط كبير علق في نفوس المفاوضين من قادة الكفاح المسلح عقب انتشار جائحة كورونا التي أثرت نفسيا وذهنيا على المفاوضين لكن سرعان ماتداركت الوساطة الجنوب سودانية الأمر بابتداع نظام التفاوض عن بعد عن طريق الفيديو كونفريس لربط قادة المفاوضين في جوبا والخرطوم اسفيريا وهو أمر عده غالبية أعضاء الوفود بالغ الصعوبة لكن عزيمة الوساطة ساهمت في تجاوز هذه العقبات وحددت جدولا زمنيا ينتهي في العشرين من يونيو المقبل للتوقيع النهائي ولم تركن لذلك فقد عملت على مضاعفة جهودها وتكثيف جدول الجلسات لتصبح جلستين يوميا بدلا عن جلسة واحدة.
الجولة الحاسمة
رغم أن المفاوضات تراجعت أخبارها ومعلوماتها في الآونة الأخيرة بسبب الظروف المعلومة للجميع الا ان هذه الجولة كانت بمثابة الضربة القاضية لأعداء السلام إذ شهدت تجاوز العديد من المطبات وتمكنت من إنهاء القضايا القومية وتمضي في ذات الوقت صوب إنجاز أصعب الملفات وهو ملف الترتيبات الأمنية مستعينة بخبرات تراكمية لبعض قادة الكفاح المسلح في هذا الملف ويمكن القول انها استفادت من أخطاء الاتفاقيات الموقعة في عهد النظام السابق لتخرج باتفاق شامل يلبي إحتياجات الجميع وصولا لقوات مسلحة مهنية وجيش يعبر عن جميع السودانيين
رجال حول السلام
مايختلف في هذه المفاوضات ان الطرفين المتفاوضين لايتعاملان كاعداء وإنما شركاء فهما يمتلكان إرادة وعزيمة قوية من أجل تحقيق السلام وهو ماساهم في ان يمضي التفاوض بوتيرة سلسة رغم بعض العثرات القليلة وهي طبيعية لاختلاف طبيعة البشر.
وعلى مستوى الوفد الحكومي كان النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي رئيس الوفد الذي يعاونه عضوا مجلس السيادة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي ومحمد حسن التعايشي هؤلاء الرجال الذين تحملوا الكثير من الرهق والتعب والجهد الكبير لمواجهة أصعب تحدي في طريق حكومة الثورة لكنهم عملوا بصبر وجلد وتناسق تام من أجل أن يتحقق الأمل المنشود ويصبح السلام واقعا بين الناس ويقابل ذلك قادة الكفاح المسلح على رأسهم رئيس الجبهة الثورية الدكتور الهادي إدريس والأمين العام للجبهة الدكتور جبريل إبراهيم ونائبه رئيس وفد الحركة الشعبية شمال ياسر عرمان ومعهم فريق من رفقائهم قادة الكفاح المسلح فهم أيضا قدموا جهدا كبيرا وتحملوا وثابروا من أجل أن يأتي السلام حتى يعود الجميع للخرطوم ويعملون بجد واجتهاد لاعدال الحال المايل من مشاكل اقتصادية ومؤسسات انتقالية تكون بمثابة نواة لبناء الدولة السودانية وتمهد للانتخابات التي تاتي بمن يقود البلاد عقب حكومة الفترة الانتقالية فهؤلاء الرجال يمكن أن يطلق عليهم رجال حول السلام لماظلوا يبذلونه من أجل سودان مابعد ثورة ديسمبر المجيدة.
الجندي المجهول
كان الاعلام السوداني حاضرا في تغطية المفاوضات منذ جولتها الأولى وتحمل وعثاء السفر وسهر الليالي الطوال من أجل أن يضع الشعب السوداني في قلب الحدث وقد كان حضورا مشرفا للاعلام بمختلف مؤسساته حيث ظلت حاضرة في نقل الصورة والمشهد من عاصمة السلام جوبا.
وتحمل الاعلام الكثير لكنها ضريبة العمل الإعلامي ومهنة المتاعب إذ ظل الاعلام حاضرا رغم مخاطر جائحة كورونا وآثارها السالبة عليهم لكنه تجاوز كل ذلك من أجل سواد عيون السلام لا ينتظر جزاءا ولا شكورا.
عايشين بالمعنويات
حالة نفسية صعبة عاشها بعض الاعلاميين الموجودين في جوبا والذين شاءت ظروف كورونا ان تجعلهم لشهور بعيدين عن حضن الوطن لكن مع ذلك تابطوا أقلامهم وسعوا من أجل تكملة المشوار وباتوا قريبين من بعضهم يرفعون معنويات المحبطين منهم الذين طال بعادهم عن الوطن والاهل،غير أن أكثر ماصبر الوفود الإعلامي الدعم المعنوي الكبير الذي وجدوه من فريق الوساطة بعبارات الثناء والشكر فضلا عن التواصل المستمر بينهم وقادة الجبهة الثورية الذين ساندوهم معنويا ووقفوا إلى جانبهم حتى تجاوزوا الصعاب.
وشكلت كلمة النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي في ختام جلسة القضايا القومية عن الاعلام قوة دفع إضافية للاعلام حيث
تحدث حميدتي بإيجابية عن الإعلام وحث وسائل الإعلام بجوبا والخرطوم لاحكام التنسيق والتعاون لتبادل المعلومات وتوصيل رسائل السلام الحقيقية للشعب السوداني وهو الأمر الذي يضاعف من عظم المسؤولية الملقاة علي عاتق الإعلاميين سواء في الخرطوم أو جوبا.
السبت الاخضر
سيكون يوم السبت العشرين من يونيو المقبل اخضرا على جميع السودانيين وسيخلد في ذاكرة الخرطوم وجوبا فعندما تشرق صباحه يكون الجميع هنا في جوبا على أهبة الإستعداد لمشاهدة الفرح الأكبر المتمثل فى التوقيع النهائي على إتفاق السلام الشامل وهو الحلم الذي طال انتظاره ويعول عليه الشعب السوداني باجمعه في ان يبدل الحال ويبني سودان الحرية والسلام والعدالة الذي يساهم فيه الجميع الا من أبى.