عاجل : مجلس الأمن يعين مفتش رفاعة..!!- حسين خوجلي
حكى لي صديق قانوني كان يعمل بإحدى عواصم النفط بأنه استدعي ذات مرة ومعه مجموعة مقدرة من الكفاءات، لإجراء إحصاء الخواجات العاملين بتلك الدولة الثرية.
وقد أعدت السلطات استبيانا محكما فيه تفاصيل صارمة لتبين معلومات دقيقة عن العاملين بما فيه شهاداتهم وخبراتهم. وكان أغلبهم يقيمون بمجمع أوروبي السمات بتلك العاصمة فيلات فاخرة، وشقق باهرة، وسيارات فارهة، وأندية وصالات سينما، وميادين غولف، وأسواق، وما لذ وطاب من معينات الحياة المرفهة.
حين بدأنا المسح حاولوا في الاستبيان أن يهربوا من مدنا بالشهادات الأصلية والخبرات، ولكننا أصررنا على أخذ الشهادات الأصلية وتصويرها، وقد اصابتنا الحيرة والذهول من امتيازات الرواتب الضخمة والتسهيلات التي كانوا يحصلون عليها بلا أي مؤهل أو كفاءة أو مهام منتجة يُعتد بها.
وقد اجتهد تيم المسح ليجد تبريرا لهذا النهب المصرح والمحمي بالكيد المسلح، فلم يجدوا تبريرا مناسبا غير عقدة الخواجة التي أصابت حكوماتنا وجيوشنا وجماهيرنا وما زالت تفعل.
ومما حكاه الفتى المعلم اسماعيل الأزهري المترجم والمرافق لوفد الأعيان وزعماء العشائر والطوائف إلى بريطانيا لتهنئة الملكة فكتوريا بانتصار المملكة التي لا تغيب عنها الشمس في الحرب العالمية الأولى.
وساعة وصول وفد الزعماء السودانين قبول بالكثير من الحفاوة والاعتناء، وقد هرع مجموعة من الحمالين ببزاتهم الأنيقة، ووجههم الصبوحة، وشعورهم المصففة بحمل حقائب واغراض المشائخ السودانيين.
وقد أصابت الدهشة الأزهري حين رأى شيخ العرب ود اب سن يهرول بانزعاج صوب أحد الحمالين ويقتلع منه حقيبته ليحملها بنفسه لسيارة الضيافة، فلحق به الأزهري هامسا: (دعه يا شيخ العرب إنه حمال وهذه هي وظيفته وقد فُرغ لخدمتكم وراحتكم)
فرد عليه شيخ العرب بسرعة بديهة وسخرية عرف بها : ( عارفوا يا ولدي عتالي إلا أخاف يجيبوا لينا مفتش في رفاعة)
ولأننا في الايام القليلة القادمة سوف تكتظ شوارع بلادنا بالمئات من خواجات البعثة الأممية واتباعهم، والذين نرجو من كل قلبنا ألا يكونوا فاقد تربوي كما في العاصمة النفطية ولا عتالة شيخ العرب.
ولعل من نافلة القول أن هذه البعثة الاستعمارية تتمتع بارادة سياسية، وقانونية، وعسكرية، وفتوى واستشارات، وفوق ذلك باستدعاء مريب وموثق، بل أن وجودها سوف يغطي كل ارجاء بلادنا بالشيوع منا، يجعلنا نتساءل من يا ترى سيكون مفتش رفاعة الجديد؟
يقول الشاهد إن المهاجري حين رأى ارتال السيارات المصفحة وطلائع البعثة الجديدة تقتحم عاصمة البطانة ناح مردداً:
الله يقدك آم قشا بقوم ريقان
وجابولك حديدا غرق السيسان
كان حضروكي ناس ود اب علي وحسان
ما بدوكي لجورج اب عيونو مُكان