العين الثالثة _ (نحن في خطر)…! _ ضياء الدين بلال
-١-
سيكون أمام لجنة الطوارئ العليا واحد من خيارين:
الاستمرار في فرض منع التجوال وإغلاق المحال التجارية والحكومية ،لفترة زمنية أخرى ،تطول أو تقصر.
أو تخفيف اﻹجراءات وتقليل ساعات الحظر بصورة تدريجية.
الأوفق المضي في اتجاه الخيار الثاني لعدة أسباب:
ليس من الحكمة استمرار سياسة المنع واﻹغلاق ، فالظروف المعيشية لقطاعات واسعة من المجتمع لا تحتمل ذلك ولا تطيق له صبرا.استمرار المنع والإغلاق ستتأثر به قطاعات حيوية في الدولة ، قد تخرج تماما من نطاق الخدمة، ويصعب إعادتها مرة أخرى.أقرب مثال لذلك ما تأتي به التقارير عن الصعوبات الجمة التي تواجه الموسم الزراعي في مناطق الإنتاج الزراعي ،خاصة في القطاع المطري الذي يمثل أكثر من ٨٠٪ من مناطق اﻹنتاج .الزراعة مواقيت، إذا لم تنجز العمليات الزراعية في وقتها يستحيل تلافيها في وقت آخر ، فشل الموسم الزراعي ستترتب عليه مجاعة طاحنة.فليس من الحكمة أن يهرب المواطنون فزعا من فيروس الكورونا ،ليقعوا سهلا في براثن المجاعة!
-٢-
من الأولى أن تكون للحكومة دراسات وقراءات علمية تحدد مدى استجابة المواطنين للحظر وتأثير ذلك على زيادة نسبة الإصابة أو تقليلها.كثير من الدول بدأت منذ فترة في تخفيف القيود الاحترازية ومحاولة التعايش مع الفيروس كتحد قدري ،بلا قيد زمني ،يرجح احتمال الانحسار أو يفترض إيجاد لقاح.أقرب تجربة لمجتمعنا هي التجربة الإثيوبية ،حيث لم تفرض المنع والإغلاق، واكتفت بتشديد تدابير التعايش مع الفيروس ،بأخذ الحيطة والحذر وتشديد العقوبات ،أثناء استمرار دورة الحياة الطبيعية.
-٣-
مسؤولية الوقاية من المرض يتقدم فيها دور المجتمع على الحكومة.هنا يتعاظم دور منظمات المجتمع المدني في اﻹرشاد والتثقيف ويتكامل مع دور المؤسسات الصحية.والمؤسف إلى حد الفجيعة، تبدو من الواقع اليومي لرزنامة الكورونا ،الحكومة عاجزة تماما عن القيام بواجباتها الضرورية.أخطاء كارثية ارتكبتها وزارة الصحة في التعامل مع التحدي الفيروسي ،منذ فشل إجراءات حجر القادمين من الخارج إلى ضياع أرقامهم الهاتفية!الغريب في الأمر أن وزير الصحة اعترف في أكثر من مرة بارتكاب تلك الأخطاء ولكن دون أن يقوم بتسديد حتى بعض فواتيرها. بل ظل يقوم بمعاقبة معاونيه -الذين اختارهم بنفسه- عبر الإقالات الواسعة أو الدفع بهم نحو الاستقالة!
-٤-
رئيس الوزراء يبدو مشوشا و مسلوب اﻹرادة وغير قادر على تصحيح اﻷوضاع في الصحة أو غيرها!فوزيره محمي بترسانة إسفيرية ذات مدفعية ثقيلة ، يخشى نيرانها الدكتور حمدوك، أن تعصف بمقعده أو أن تحرق ثيابه!إذا لم يكن رئيس الوزراء قادرا على إقالة الوزير، فإمكانه في الحد الأدنى ، تعيين وزير دولة بالصحة ، يساعد دكتور أكرم في تحمل المسؤولية الصعبة في الظرف العسير.
-اخيرا-
الصحة ليست مكانا مناسبا للتجاذبات السياسية، ولا المجاملات الشخصية ،فما سيترتب على ذلك إزهاق أرواح بريئة في الحضر والأرياف ،لا يعنيها اسم الوزير ولا بطاقته الحزبية ولكن يهمها ما يستطيع فعله وما يقدر عليه في درء المخاطر ومنع المأساة!