ﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺯﻋﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻘﻌﺪ، ﻓﻬﺬﻩ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺗﺰﻋﻦ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ . ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺇﺩﻋﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺐ ﻭﺍﻟﺸﺮﻋﻲ، ﻓﻬﺬﺍ ﺇﺩﻋﺎﺀٌ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝُ ﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺔ ﻋﺪﻭ ﺃﻭ ﺻﺪﻳﻖ .
ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﺎﻥ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺳﺠﻴﻦ ﺍﻻﻧﻘﺎﺫ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺿﺤﻴﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﻣﻈﻠﻮﻣﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﺭﻱ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﺻﻮﺏ ﺍﻟﻬﺠﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻤﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺃُﺑﺮﺉ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﺑﻴﺎﻥٌ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻫﺎﻥ .
ﻭﻟﻮ ﺇﻧﻪ ﺃﺷﻬﺮ ﺣﺠﺘﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻧﺠﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻟﻤﺎ ﺗﺼﺪﻯ ﻟﻪ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺩﻋﻴﺎﺀ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ .
ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺣﺠﺔٌ ﺗﻔﻠﻖُ ﺍﻟﺸﻌﺮﺓ ﻭﺟﻤﺎﻫﻴﺮٌ ﺗﺴﺪ ﺍﻷﻓﻖ، ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻜﻞ ﺗﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻮ ﺍﻟﻤﻌﺘﻢ ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻤﺰﻕ ﻭﺍﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﻭﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺗﺮﻓﻊ ﻋﻦ ﺣﻘﻪ ﻭﺍﺭﺗﻀﻰ ﻃﺎﺋﻌﺎً ﺑﻔﺘﺮﺓ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻣﺸﻬﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ ﺑﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺩﻭﻟﻴﺔ . ﺣﻘﺒﺔٌ ﻟﻢ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﻭﻻ ﻗﺪﺍﺳﺔ ﻭﻫﻮ ﺷﺄﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﻞ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺧﺼﻮﻣﻪ ﻭﻣﻌﺎﺭﺿﻴﻪ ﺑﺎﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺝ .
ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻨﻜﺮ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺮ ﻭﻃﻼﺋﻊ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ، ﻭﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﻕ ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻟﻠﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻤﺖ ﻓﻲ ﻣﻔﺎﺻﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻦ ﻏﻔﻼﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﻭﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻗﺰﻣﻴﺔ ﻻ ﺣﻆ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﻭﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺸﻌﺐ، ﻭﺗﺘﺸﺒﺚ ﺑﺎﻟﺮﺍﻫﻦ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﻤﺴﺮﻭﻗﺔ ﻭﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ .
ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﻭﺩ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻟﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﺍﺕ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺐ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺩ ﻋﺒﺮ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺍﻩ ﻭﺍﻟﺠﺎﺋﺮﺓ .
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﺟﺮﻡ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻗﺘﺮﻓﻪ ﺃﻧﻪ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﻮﺛﻴﻘﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻃﻠﻴﻘﺔ ﺗﺠﻤﻊ ﺷﻌﺚ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻌﻴﺪ ﻭﺍﺣﺪ، ﻻ ﺗﻘﺼﻲ ﺃﺣﺪﺍ ﻭﻻ ﺗﺴﺘﺒﻌﺪ ﻓﻜﺮﺓ ﺃﻭ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺃﻭ ﺣﺰﺏ، ﻭﻫﻮ ﺍﻋﻼﻥٌ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﻤﺤﻴﺺ ﻭﺍﻟﺠﺮﺡ ﻭﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻞ، ﻭﺍﻓﻖ ﻣﻦ ﻭﺍﻓﻖ ﻭﺃﺑﻰ ﻣﻦ ﺃﺑﻰ ﺩﻭﻥ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺃﻭ ﺇﻛﺮﺍﻩ .
ﻭﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﻏﺎﻟﻴﻨﺎ ﻭﻗﻠﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺩﻋﻰ ﺇﻟﻰ ﻣﻬﺪﻳﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ ﻓﻠﻦ ﻳُﻀﺎﺭﻯ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺎﺭ ﻋﻜﻴﺮ ﺍﻟﺪﺍﻣﺮ :
ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺳﻴﻒ ﺳﻼﻫﻮ ﺃﻟﻤﻊ ﺿﺎﻭﻱ
ﻭﺣﻜﻤﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ ﺍﻟﻔﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺑﺘﻼﻭﻱ
ﻭﺇﻧﺖ ﺟﻬﺎﺩﻙ ( ﺍﻟﻠﻴﻦ ) ﺑﺎﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﺗﺪﺍﻭﻱ
ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺍﻟﺴﻴﻮﻑ ﺇﻻ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻣﺘﺴﺎﻭﻱ
ﻭﺇﻥ ﺑﻘﻴﺖ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺃﺧﻴﺮﺓ ﻓﻬﻲ ﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ . ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ( ﺳﻌﻴﺪﺍً ﻗﺎﺑﻞ ﻋﻜﻴﺮ ) ﻓﻼ ﺗﻀﻄﺮﻭﻫﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻡ ( ﺷﻘﻴﺎً ﻗﺎﺑﻞ ﻧﻜﻴﺮ )