إني لأتعجب لأمر رسول الله صلى عليه وسلم فبالرغم من ثقل الرسالة ومؤامرات اليهود والمشركين، ومحاولات الاغتيال والحصار والتجويع في شعب مكة وفقدان الأحبة والأصحاب بالرحيل والاستشهاد، يجد وقتاً لاشاعة أدب الذوق والاتكيت واحترام الصحبة.
ومن الأحاديث الدالة على ذلك قال صلى الله عليه وسلم: (اذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس مخافة أن يُحزِنه)
“ضد العنف”
ما أحوج الساحة السياسية والساحة الأمنية والعسكرية والحركات المسلحة والمفاوضات لهذا الحديث النبوي المثمر بالمعاني والنصيحة قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:
(إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف)
“خال فاطمة”
مما لحظته في بعض الخلص من الأصدقاء أنهم اذا أثروا أكثروا من زيارتك بالانفاق والهدايا، وإن أصابهم اعسار انقطعوا خوف التصدق والمساعدة. ومن أجمل ما قرأت في هذا المعنى قول الخوارزمي لصديقه:
رأيتك إن ايسرت خيمت عندنا
مقيما وإن اعسرت زرت لماما
فما أنت إلا البدرُ إن قل ضوؤه
اغبّ وإن زاد الضياء أقاما
“وما تُخفي الصدور”
اذا رأيت رجلاً متكبرا فلتقم في نفسك مقولة الفاروق الدامغة:
(ما وجد أحدٌ في نفسه كِبرا إلا من مهانة يجدها في نفسه)
“شركة المن والأذى”
في إحدى مجالس الخرطوم سمعت أحد رجال الأعمال وهو يمن بتفاخر مقيت لمساعدة قدمها لأحد أصدقائه فذكر اسمه أمام المجلس مرارا، حتى خشيت أن تُخسف به الأرض مثلما خِفت على سمعة ذلك المسكين وسمعة أسرته. فقلت لو سمعها لألقى بالدراهم على وجهه حتى وإن باع نفسه في سوق الرقيق.وحضرتني مقولة الصالح النخعي : (إن الاغنياء لا يعطونك بقدر ما يغنونك، إنما يعطونك بقدر ما يفضحونك)
“ولكل زمانٍ همباته”
قال عثمان الخياط شيخ اللصوص في حديثه عن أخلاق مهنته : (ما سرقت جاراً وإن كان عدوا، ولا كريما، ولا كافأت غادرا بغدره)
“الأسى الحميد”
كان أبو ذر الغفاري رضي الله عنه ينفث في منفاه -وهو يقاسي الوحدة وقلة الأنيس- قولته الحزينة التي طبقت الآفاق وأبكت الكثيرين من عارفي هذا النوع من الأسى الحميد: (ما ترك الحق لي صديقا)
حسين خوجلي