واحد من أجمل وأنبل المشاهد التي رسمتها ثورة ديسمبر العظيمة وكانت خلاصة الخلاصة لتدافع الشباب الحر نحو صناعة تاريخ و رسم واقع لسودان جديد كانت هي مكونات لجان المقاومة، هذه الأجسام باسقة الطول عظيمة الأهداف وطنية المقاصد الباذلة للروح بلا من أو أذى والتي جمعت بينها أهداف قومية ومشاعر إنسانية تهدف جميعها لبناء سودان جديد خالٍ من العنصرية والتعصب والكراهية.
وقد سعدت أن التقيت عن قرب في واحدة من حلقات برنامجي على قناة الخرطوم بمجموعة تمثل هذه اللجان من بري وشمبات والعباسية الصمود وكانوا كما توقعتهم تماما شباب (زي الورد) ملئ بالحماس والاستعداد لبذل الغالي والنفيس من أجل إنسان السودان، وعلى فكرة هؤلاء هم أكثر مكونات المجتمع السوداني التي دفعت ضريبة الحراك ضد الإنقاذ وهم أكثر الشرائح التي تم ضربها ومطاردتها وسحلها، لذلك يعرفون قيمة الثورة ويعرفون أي ثمن باهظ دفع فيها، لذلك يحزنني ويشق عليّ أن تنجرف أي من لجان المقاومة في أي جزء من هذا الوطن في سجال وحراك سياسي يجعلها محسوبة على أحد أو منضوية في كنف أحد، لأن ذلك سيفقدها قدسيتها وشفافيتها وسيجعلها مجرد أداة من أدوات تصفية الخصوم تستخدمها الأحزاب كما القاتل المأجور وتظل هي بعيدة عن الواجهة والحساب أو توجيه اللوم وبالتالي إن كان ما حدث في مدينة سنار قد تورطت فيه لجان المقاومة هناك فإنها تبقى كارثة ما بعدها كارثة وخذلاناً ما بعده خذلان أن تدخل لجان المقاومة التي ندخرها للبناء وندخرها للعمل وندخرها لحراسة الثورة وتحقيق شعاراتها أن تدخل في دوامة العنف والكراهية التي ستجر بلادنا إلى المحرقة والهلاك. فمن الذي يحاول أن يبعد لجان المقاومة عن دورها الحقيقي في خدمة المجتمع وأن تكون نصير المواطن ولسانه وذراعه؟؟
من الذي يريد أن ينقلهم من خانة الأبطال الذين صنعو ثورة إلى خانة الجبناء الذين يتدافعون لضرب رجل أعزل حتى لو كان خصماً لهم؟؟؟ من الذي يدفع هؤلاء الشباب الذين صلوا جماعة في القيادة، في (عز القيالة ونص الضهر) والشمس في كبد السماء ليتحولوا إلى قتلة يتهجمون على حفظة القرآن في الخلاوي؟؟؟
من الذي يريد أن يحولهم من مشاعل ضوء إلى أشباح ظلام؟؟ من الذي يريد أن يجعل بينهم وأهلهم هوة وحفرة بدلاً من جسور التواصل التي رصفوها وهم يقدمون الخبز والغاز لأمهاتهم وأخواتهم في البيوت وهن معززات مكرمات.؟
لذلك لابد من القول إن ما حدث في سنار مرفوض، أياً كان الطرف المعتدى عليه، طالما هو سوداني أسمر وعيونه عسلية، لأننا يجب أن نلتقي في الوطن بالقدر ذاته الذي اختلفنا عليه وكل من يدافع عن هذا المسلك هو شخص جبان ومعتوه يريد جر بلادنا إلى حرب أهلية تبدأ (بشكلة) بالأيادي وتنتهي إلى حرب شوارع وأزقة مسلحة.
فيا شباب أخضر (زي اعواد قصب السكر) بالقناعة ذاتها التي هتفتم بها: (كل البلد دارفور) فوتوا الفرصة على من يصطادون في المياه العكرة ووحدوا صفوفكم وكلمتكم وعودوا إلى خنادق حماية الثورة من الذين تسلقوها وسرقوها، والآن يختبئون خلفكم لتحقيق أجندة لا يستطيعون أن يواجهوا بها شعبنا الذي يعرفهم تماماً ويعرف وجوههم حتى لو اختبأوا خلف اقنعة جديدة. فلا تضيعوا ثورة سلمية اذهلت العالم، بالانصياع لاصوات الحاقدين الذين يسعون خلف مكاسبهم، وفي ستين داهية الوطن، في ستين داهية القضية، في ستين داهية احلام الغبش التعابى الواطئين على الجمرة.
كلمة عزيزة:
شباب لجان المقاومة في كل الأحياء والمدن ليسوا كائنات فضائية قادمة من المريخ، هم إخوانا وأولادنا وأولاد جيرانا بكل القيم والرجولة السودانية، لكن من يحاول اللعب في أدمغتهم؟؟ من يحاول التسلل إلى مراكز تفكيرهم؟؟ الإجابة على هذا السؤال تلخص الأزمة وتكشف أصل الحكاية ومن هو بطل الفيلم ومن هو الخائن.
كلمة أعز :
اللهم أحفظ بلادنا وجنبها الفتن وأهدي حكامها إلى الصواب