أطياف – إلى السيادي وبعد !!- صباح محمد الحسن
العهد والميثاق بعد ثورة ديسمبر المجيدة، كفلته وثيقة دستورية عاهد فيها طرفي الاتفاق، الله قبل ان يكون عهدا مع الوطن والمواطن والثوار وأسر الشهداء، وابسط ما يقدمه الشخص للثورة ولشهدائها هو الوفاء والإخلاص والثبات على المبدأ، وقبل البحث عن قصاص الشهداء نحن بحاجه الى القصاص من بعض الأحياء الذين خذلوا وتخاذلوا ان كانوا من رموز الثورة او من قادة الأحزاب او من السياسيين او من الإعلاميين، واستحي ان اقول (أو من مجلس السيادة) وسابقا وفي هذه الزاوية قلت ان عدد من اعضاء المجلس، من قوى الحرية والتغيير ولائهم ليس للثورة انما للمكون العسكري أصبحوا تحت يده وتصرفه بعد تعيينهم او قبل لا يفرق، وان بقائهم في المجلس يأتي لصالح ترجيح كفة القرارات.
ولكن لم يأخذني الخيال بعيدا أن يتحول دورهم سلبا الى أن يصل حد هزيمة الثورة، واضعاف قوتها واخماد صوتها في هزيمة وزرائها والمطالبة بإقالتهم، في تبني واضح لفكرة الكيزان وتنفيذا لمخططاتهم، ومحزن ان يكون هذا من اجل السيطرة والتحكم والتغول على حقوق وزارة للسيطرة على الاموال التي تخصها، والتصرف فيها بعيدا عن عين وزيرها وتجاوز حدود الصلاحيات، والتدخل في عمل وزير الصحة الدكتور أكرم الذي ما دخلت اي معينات عينية ومادية إلا بجهده وعلاقاته، فأي محاولة للجم جماحه ولي ذراعه هو نوع من انواع الغدر والخذلان الذي يخلع صاحبه ثوب الثورة وارتداء (الجلابية الكيزانية) ناصعة البياض مظهراً، لا يتوافق مع الجوهر عند كثير من الذين تعودوا على (مكاوشة) الاموال عبر سياسة (وضع اليد) بالقوة وبالتدخل السافر في شؤون الوزارات بمسميات وكيانات موازية لا يتم تكوينها إلا لتكون معبرا ونافذة تبيح سياسة التدخل والتصرف خارج الصندوق.
والاموال التي دخلت لوزارة الصحة يجب ان تكون تحت تصرف وزير الصحة، فالوزارة في أشد الحاجة لهذه الاموال، فالصحة في زمن طبيعي، يجب ان تُدعم بملايين الدولارات، بعيدا عن ظروف كورونا التي تحتاج يومياً الى ميزانية خاصة وبعض اعضاء المجلس السيادي ومنذ تكوينه وحتى اليوم ماهي وظيفتهم، وماهي الاعمال التي قاموا بها، فثلاثه اعضاء وجودهم في المجلس اشبه بعدمه، قد يستفيد منه المكون العسكري لبسط سلطته وهيبته على حساب حكومة الثورة واهدافها، وتحقيق غاياتها ومراميها، بصوت (الأغلبية ) وللأسف وقفوا وساندوا الكيزان في حملتهم ضد الوزير، وكسروا شوكة المجلس وهزموا كبريائه وطعنوا في ظهر الثقة بينه وبين الثوار وهذا ما يريده بقايا النظام الذين لاحول ولا قوة لهم إلا بمساندة المجلس، ولا تقوى شوكتهم الا بخذلان بعض قيادات الحكومة الانتقالية،
وما يدور من حديث عن الخلاف بين عضو مجلس السيادة صديق تاور ووزير الصحة حول مبالغ ماليه تخص الوزارة ووقوف صديق خلف حملة اكرم، يعتبر خيانة عظمى للثورة ويعتبر خبراً صحيحا لطالما لم يتم نفيه من تاور نفسه، وليس من بعض القيادات الذين تجمعهم معه روابط الدم الحزبي، وان ثبت تدخله في شؤون الوزارة وإلقاء دكتور أكرم في جُب التشكيك في القدرات وإنه أدنى وأقل قامةً من إدارة أزمة الجائحة والحد من اجتياحها فبالرغم من انها محاولات لم تثمر إلا طفلاً سُيامياً مشوهاً يشبه سبك الفعل الذي أتى ناطقاً مفضوحاً، لكن مع ذلك نعتبره تجرأ بالتدخل حتى في صلاحيات رئيس مجلس الوزراء لأن اعفاء الوزراء وتعيينهم شأن يخص حمدوك وحق كفلته له الوثيقة الدستورية يجب أن لا يتم ويرضخ للتوصيات والإملاءات.
اما الكباشي فهذا التصرف يليق به فهو ليس واحدا من الذين تنتظر منهم الثورة رجاء ولاعشماً حتى يكون جسراً لتحقيق أمنياتها وطموحاتها الخاصة في وطن ما بعد الثورة ، لذلك يبقى لومه على أقواله وافعاله، ضرب من ضروب الغباء، كما انه لم ولن يكن يوماً سنداً للثورة ولا داعما للتغيير بل ومنذ بدايات الاتفاق مع المكون العسكري ظهر الكباشي بمظهر رمادي باهت وشخصية لا تستطيع ان تقسم عليها أماناً، فالرجل خلفيته (الكيزانية) وولائه للمخلوع قادر على ان يحول بينه وبين إخلاصه وصدق نيته حتى لو اراد هو ذلك لا يستطيع.
وحذف بيان المجلس السيادي من صفحته الرسمية بعد ما اقرّ بتوصية اقالة اكرم وعودة البيان من جديد كشف لنا ان المجلس الموقر ليس بهذه الهيبة المرسومة في خيالنا والصورة التي نعتقد حسب معرفتنا بالمجالس السيادية التي مرت على تاريخ السودان وشخصياتها العظيمة التي احتفظت بمواقفها صفحات التاريخ فخراً على مر الزمان، بل أن المجلس إتضح جلياً أن به اعضاء (صبية) يتعاملون مع الامور بعاطفة وتردد وتخبط وإظهار (عضلات) على شاكلة (أنا هنا) فإن كان فعلاً ان حمدوك امتعض من البيان وعكس شعوره للبرهان وتم حذف المنشور حسب توجيهات البرهان كرئيس لمجلس السيادة فإن عودة البيان لمنصة الموقع من جديد تثبت ان من بالمجلس من هو أعلى من البرهان كلمة وقرارا وسلطة وان حدث هذا (فالرماد كال حماد).
والمجلس السيادي بشقيه المدني والعسكري يفوت عليهم احيانا كثيرة ان مجيئهم ووجودهم على طاولة القرار ما جاء إلا بدماء شهداء لم يخرجوا لمناهضة الفساد والغلاء وإسقاط البشير فقط ، ولكن لنبذ المحسوبية والعنصرية القبلية والمناطقية وسياسة (اللوبي والشللية) داخل مؤسسات الدولة السيادية ومكاتب القرار تلك الممارسات التي كانت ديدن المخلوع وزمرته فوجود شخصيات بهذه الجينات في المجلس يُنذر بخطر كبير لن يهدد اكرم ولا حمدوك بل يهدد الثورة والوطن إن لم نقف له فعلاً.. بالمرصاد !!
طيف أخير :
خليك بالبيت
صحيفة الجريدة