الخرطوم وأديس ابابا.. شرارة الحدود؟
تقرير إخباري : النورس نيوز
الفشقة الكبرى والفشقة الصغرى ، التوتر بين السودان وإثيوبيا، مفردات في القاموس السياسي بين البلدين، تترجمها كلمات زعيما البلدين فرئيس الوزراء الإثيوبي أبى أحمد، قال في وقت سابق “العلاقات القوية مع السودان لا تسمح بالتوتر على الحدود” وكذا قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان “القوات السودانية جاهزة لحماية البلاد وحراسة حدودها دون تراجع، وعدم السماح بالتعدي على الأراضي السودانية”.
ولكن مع تلك النبرات الرئاسية؛ يعتقد خبراء عسكريون، أن تصاعد التوتر الحدودي بين الخرطوم وأديس أبابا بدأت بصورة غير مسبوقة ومن دون إنذار؛ الأمر الذي ترك أكثر من علامة أستفهام حول توقيته مع أقتراب ملء سند النهضة في يوليو المقبل بعد إبلاغ إثيوبيا الحكومة السودانية بصورة رسمية.
يقول الخبير العسكري اللواء مهندس دكتور أرباب عبدالرحمن؛ إنّ إعادة انتشار الجيش السوداني على الحدود مع إثيوبيا، للمرة الأولى منذ أكثر من ربع قرن، وتحديداً الحدود المحاذية لولاية القضارف بعد شكاوى من الأهالي عن توغل إثيوبي جديد داخل الأراضي السودانية، واختطاف المواطنين ونهب أموالهم، من عصابات “الشفتة” الإثيوبية والسيطرة على أراضيهم دون ان تتحرك اديس ابابا ساكنا، يؤكد ان إثيوبيا بادية في التوتر وستجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه؛ ويؤكد أرباب أن التوتر ليس وليد الحظة في منطقة الفشقة السودانية، التي تنقسم إلى قسمين، الفشقة الكبرى والفشقة الصغرى، وتبلغ مساحتها الكلية 252 كيلومتراً مربعاً، من المساحات الصالحة للزراعة من قبل عصابات “الشفتة” الإثيوبية، وهي ليست مجرد عصابات، إنما هي قوات شبه نظامية تتغاضى السلطات الإثيوبية عن تصرفاتها، على الرغم من قدرتها على مواجهتها والقضاء عليها.
وفي ذات السياق يري الخبير في العلوم السياسيية والدراسات الاستراتيجية دكتور عبدالمجيد عبدالرحمن ابوماجد؛ أن أرسال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وزير الدفاع الإثيوبي إلى الخرطوم ومناقشة ملف القضايا الحساسة مع حميدتي والبرهان والاجهزة العسكرية ووضع آليات لحماية الحدود، وإعادة ترسيم الحدود ووضع العلامات، تصب في تعزيز متانة العلاقات بين الشعبين، أمر جيد ولكن المطلوب تنزيل الأقوال إلى الأفعال ومعالجة تفلتات الشفتة لتحقيق الاستقرار في الشريط الحدودي.
ويؤكد ابوماجدة ان العلاقة القوية التي اقامها نائب رئيس مجلس السيادة رئيس وفد الحكومة للمفاوضات مع أبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي خلال محادثات السلام في جوبا تستدعي الأحترام بين الشعبين، وهذا ما يؤكد تصريحات ابي احمد الذي قال إن العلاقة المتينة بين السودان وإثيوبيا لا تسمح بالتوترات في الحدود ، ويتفق الخبيران اللواء ارباب وابوماجدة بان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد لعب دوراً كبيراً في التوافق بين المدنيين والعسكريين في السودان كوسيط وهذا الحرص الشديد على الاستقرار السياسي في البلاد ينفي فرضية انه يسعى إلى افتعال الازمات والتوترات والانفلات الأمني في الشريط الحدودي بين البلدين وأنما الأمر عنده محسوب بأحداثيات سياسية وتقاطعات السيناريوهات المستقبلية خلف الكواليس.
ولكن رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النيلين، فتح الرحمن أحمد، استبعد في وقت سابق حدوث مواجهة عسكرية بين الخرطوم وأديس ابابا في الوقت الرأهن بالرغم من التوترات في الشريط الحدودي لعدم توفر شروطها وظروفها، لأن الأسباب الظاهرية للتوتر الحالي هي عصابات “الشفتة”، لكن جوهره يربطه بوضعية التوازن السياسي في السودان، والنزاع بين المكون العسكري الأقرب لمصر والمكون المدني الأقرب لإثيوبيا، وبالتالي يلقى الصراع المصري الإثيوبي حول سد النهضة بظلاله على الحدود الإثيوبية – السودانية.